الأربعاء، 28 مارس 2018

المعسكر 2




تركهم الضابط عادل و سار في إتجاة المسجد تاركا خلفة أجولة من الخوف و علامات من الاستفهام التي تملأ أنفس مركز التدريب كلة، و بالذات عمرو الذي نظر للطحلاوي سائلا:

ـــ هو الراجل ده عايز أيه، يخوفنا و لا عايز يضمن إننا ننفذ الأوامر ؟

رد الطحلاوي:

ـــ هو مش محتاج يألف أي حاجة عشان ننفذ الأوامر .. إحنا في الجيش يعني في 100 حل يضمن بيه أننا ننفذ الأوامر.

ــــ انا مش مصدق القصة اللي حكاها دي.

ـــ أنا مصدقها لأن المبنى من جوة شكله غريب و مليان زخرفة في كل حتة.

عمرو معقود الحاجبين:

ــــ زخرفة أيه؟ مفيش زخرفة.

أشار الطحلاوي لحائط المبنى و هم يقتربون منه لصلاة المغرب جماعة كما أمروا:

ــ بص كويس، الزخارف مدهون عليها.

توقف عمرو عن السير و هو ينظر لحوائط المبنى، فوجد أنها مزخرفة بالفعل و مغطاة بالدهان .. فنظر للطحلاوي قائلا:

ـــ صح .. عندك حق .. عارف مين هيبقى عارف كل حاجة، أكيد ناجي الأزهري ده.

و صلا للساحة المقابلة للمسجد و التي يقف فيها جميع المجندين منتظرين حتى وجد عمرو ناجي الأزهري جالس أرضا و حيدا ممسكا سبحة و يسبح بصوت خافت فذهب إليه و ألقى علية التحية ثم جلس بجوارة قائلا:

ـــ إزيك يا شيخ؟

نظر ناجي الأزهري لرقبة عمرو ثم سألة مباشرة:

ـــ فين السلسلة يا عمرو اللي سلمتهالك؟

رد عمرو في إندهاش بالغ:

ـــ عرفت إسمي إزاي .

ـــ أنا عارف أساميكو كلكوا يا عمرو.

صمت عمرو مدهوشا بدون تكلم و لكن ناجي قاطع صمته:

ـــ مقولتليش فين السلسلة؟!!

ـــ مبحبش ألبس حاجة في رقبتي.

نظر إليه في استخفاف و نظر أمامه ليكمل تسبيحة، ثم فجأة قام ناجي من مكانه و هو يطرق بقدمة على الأرض و يرفع كفة بالتحية للضابط عادل الذي خرج توا من المسجد و معه مجموعة من المجندين الذين كانوا يصلون معه.

جلس ناجي مرة ثانية فسألة عمرو:

ـــ هو أنت مصلتش المغرب يا شيخ؟!!!

لم ينظر لعمرو قائلا:

ـــ أنا بصلي في الجماعة السابعة.

ـــ هو انتو بتعملوا سبع جماعات؟

ـــ أيوا الباشا عادل بيإم أول جماعة و أنا بيإم آخر جماعة.

ـــ بس ده كتير أوي .. طب ما ممكن تصلوا برا هنا جماعة واحدة و خلاص.

أدخل ناجي الأزهري السبحة في جيب سرواله و التفت لعمرو قائلا بنفاذ صبر:

ـــ شكلك بتاع مشاكل و هتتعبنا، هو انت مسعمتش الباشا و هو بيقول التعليمات تتنفذ و إرشاداتي تتعمل؟

ـــ و هي إرشاداتك تخلي الناس تفضل تصلي سبع جماعات؟!!!

ــــ أه

ــــ ليه

لم يرد الأزهري عليه و قام من مكانه ينادي على كل من إبراهيم و خالد ليدخلوا يصلوا معه الجماعة السابعة، تاركا عمرو في تجاهل تام.

وقف عمرو بين حيرته و أسئلته التي تزداد و تتوالد كل دقيقة، لماذا نادي ناجي الأزهري لإبراهيم و خالد يدخلوا المسجد وقت صلاة المغرب بالرغم من إنهم مَسيحين .. و لماذا لا يصلون بالخارج في مكان أوسع و جماعة واحدة للكل .. لماذا هذه الغرفة الضيقة لكي يصلوا فيها .. المكان فعلا غريب.

تكرر هذا الفعل مع صلاة العشاء بنفس الروتين و الطريقة و الترتيب و لم يصل عمرو معهم أيضا .. بعد انقضاء الجماعة السابعة لصلاة العشاء ذهب عمرو لناجي يسأله:

ـ لماذا تصلون في تلك الغرفة الضيقة؟

رد علية ناجي و هو متابعا السير:

ـ لابد أن تظل هذه الغرفة بالذات مليانة بالمصلين بإستمرار يا عمرو.

ـــ لماذا؟!!!

وقف ناجي من سيرة لينظر لعمرو قائلا:

ــ لقد كانت تلك الغرفة الصغيرة هي غرفة الإعدام الخاصة بالمبنى ، النظريات بتقول إن أصحاب المبنى كانوا عندما يواجهوا أي حالة مستعصية و تصبح خطر على من حولهم و ليس لها علاج معروف ذلك الوقت كان يعدموه بقطع رقبته .. ارتحت ؟ .. روح يالا عنبرك عشان تنام.

ذهب عمرو لعنبرة و هو يفكر فيما حدث من أول اليوم و كل تلك علامات التعجب و الاستفهام تحيط بكل الأشخاص و الأفعال، خطر ببالة أن يهرب من المكان و لكن هذا غير قابل للتنفيذ تماما وسط هذه الصحراء مجهولة المعالم.

دخل عنبرة و أستلقى على سريرة، مازال مفكرا معيدا للأحداث محاولا فهم المكان و التعليمات الغريبة و لكن ..

شعر عمرو و هو مستلقيا ان ثم هواء دافئ يحتك بقفاه و هو نائم على جانبة، ظن إنها من الممكن أن تكون ذبابة أو تيار هواء خفبف، سرح في تفكيره مرة أخرى و لكن ذلك الهواء الدافئ المحتك بقفاه يشعر به بشكل دوري منتظم و كأن أحد ما يتنفس بانتظام، فزع من مكانه ليجلس على السرير و ينظر حوله متفحصا المكان لم يجد شيئا غريبا، جميع زملائه نائمين في سبات عميق .. بطرف عينه لمح شيئا مارا بالخارج تعرف ما رآه و لكن ليس في ذلك المكان لأنه رأى طفل بخارج العنبر يركض مارا من أمام العنبر .. نزل من على سريرة ليتأكد من ما رأته عيناه .. خرج من العنبر لينظر للممر خارج الغرف و جد أحد ما يرتدي جلباب يركض يبحث عن مكان ما، ركض عمرو وراءه ليلحق به و لكن لم يقدر فتوقف يلتقط أنفاسة، حتى سمع بعض الجلبة و الأصوات تأتي من خلفة ألتفت خلفة و لكنه وجد شيئا لا يمكن أن يخطر على خيال بشر. 


يتبع بالجزء الثالث 
مع تحيات معنز حجازي   




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المعسكر 6 .. الأخيرة

قرب نهاية الليل و قبل بزوغ الشمس بحوالي ساعتين و أكثر .. وقفت الفصيلة على شكل طوابير منتظمة الشكل في أبعد أركان باحة مركز التدريب، متكوم ...