الاثنين، 9 يناير 2017

عكس إتجاه





"نفسي الاقي مكان اركن فيه بسهولة".

قالها (سالم) في حنق و هو يقود سيارته النظيفة ، (سالم) شاب في الثلاثنيات من عمرة يبدو علية الاناقة المبالغ فيها يرتدي نظارة الشمس واضعا في معصم يده كثير من هذه الاشياء التي تسمى – الحظاظات – طالق لحيته مهذبه للغاية ذو شعر ناعم و كأن رسام محترف هو من صففه ، يبحث يمينا و يسارا بعينيه ليجد مكانا مناسبا يركن فيه سيارته، في نهاية الامر لم يجد مكان مناسب بعد عدد من اللف في شارعة ، قرر أن يضع السيارة على مطلع الجراج الخاص بعمارته ، و لكن قبل أن أن يذهب إلى الجراج لفت نظره شئ في خارج السيارة ففتح نافذته و رفع يده قائلا:

 - (بيسو) حبيب قلبي عامل أيه ، فينك يا عم؟!
رد علية المدعو بيسو بترحاب و إبسامة واضحه:
 - (سولي) واحشني أوي اركن و تعالى مستنيك .
 – حاضر جايلك أهو.

ثم تمتم محدثا نفسه بصوت خافت و هو يركن السياره على مطلع الجراج: هيقعد يرغي ة يصدعني و انا عايز اطلع.
ترجل من سيارته و ذهب ل(بيسو) وكررا السلام مرة أخرى و لكن هذه المرة بالأيدي و القبلات ثم ركن (سالم) وسطه على مؤخرة سياره في الشارع و أخرج علبة السجائر من جيبه الأيمن و أشعل سيجارة بولاعته الذهبية ثم وضع يده اليمني فجيبه و أمسك السيجارة بيده اليسرى ثم بدأ الحديث:

 - فينك يا عم مختفي بقالك فترة.
رد علية (بيسو) و هو يعتلي وجهة ملامح من الإرهاق :
- مفيش أمي كانت تعبانة شوبة و بقالي كام يوم في المستشفى معاها.
  لأ الف سلامة عليها و تمام دلوقتي و لا لسة تعبانة ؟
 - الله يسلمك ، الحمد لله  بتتحسن ، سيبك أنت من الموضوع ده ، قولي أخبارك أيه و جدك عامل أيه لسه بيفحتك؟

رد عليه سالم و هو ينفخ:
- أه يا عم مطلع عيني، حاجة تقرف ، لسة كان بعاتني أجيبلة المعاش من البنك في اخر الدنيا.

 – معلش يا عم ربنا يخلهولك – مبتسما

أنتفض (سالم ) فجأة و هو يرد:
 - لا أبوس إيدك مبحبش الدعوة دي ربنا هيخلي أيه أكتر من كده الراجل داخل على ال 95 قول مثلا ربنا يحسن خاتمته ، ربنا يفنكره ، ده صحته ما شاء الله بمب و لا حتى بدأ ينسى أي حاجة.

ضحك بيسو من أسلوب سالم و هو يرد:
- أيه يا عم فيه أيه ... أيه الكره ده.

 – لأ مش هو مش كرة بس أنا داخل على الأربعين و لسة مختش ورث أبويا لغاية دلوقتي ، عايز أعيش حياتي شوية.
– أبوك بصراحة عمل معاك السليمة أول ما لقاك عيل بايز كده كتب كل حاجه لجدك و فنيخك و جدك نفسه مش معرفك أي حاجة.

نفث (سالم) دخان سيجارته و هو ينظر لأعلى:
 - شفت يا عم و في الأخر تقولي ربنا يخلهولك ، سيبني في حالي ، يلا أنا هطلع بقى، سلام.
 – طب ما تقف شوية مالك مستعجل ليه.
 – يا عم أنا كنت واقف معاك لغاية ما الاقي  مكان يفضى و أركن فيه العربية.
 – براحتك يا عم سولي يلا سلام .

ترك (سالم) (بيسو) و ذهب ليصعد سلم العمارة ومن ثم دخل المصعد دفع الباب بكتفه ، أخرج المفاتيح من جيبه وضعها في الباب ، فتح الباب وضع النظارة و المحفظة و مفاتيح السيارة و السجائر والولاعة علىمنضده بالقرب من الباب.
شقة واسعة بها أثاث بسيط ، تلفزيون حديث ، يبدو من الوان الحائط  الباهتة قدم هذه الشقة و عدم الإكتراث بتنظيفها.
صاح (سالم) مناديا على جده:
- جدو انت فين ، جدو ، جبتلك المعاش يا جدو.
بدأ يتحرك (سالم) ناحية الغرفة ، وضع يده على مقبض باب الغرفة  و فتحها و هو ينادي :
 _ جدو أنت نايم ، جبتلك المعاش  ؟، مش عوايدك تنام كل ده
دخل علية فوجد جده ، نائم بالفعل بلا حراك و تكلم بصوت عالي:
 - جدو هتصحى دلوقتي و لا لأ أنا جبتلك المعاش ، يا جدو؟
وضع يده على كتفه بقلق بدأ يعتلي ملامحة و هو يهزه هزات خفيفة :
-  جدو جدو جدو .

و لكن جده لم يستيقظ و لم يتحرك.

توسعت حدقتا عيني (سالم) في محجريهما، تداخلت و تزاحمت الافكار داخل رأسه، هل مات ؟ ، سأرث الان؟ هعيش حياتي بقى؟.

قرر أن يتأكد أكثر نزل برأسه على صدر جده ليسمع دقات قلبة ثم رفع رأسه فجأه مصدومأ محدثاً نفسه:
ده لسه عايش أمال بيصحاش ليه ، أسيبه يموت ؟، و لا ألحقه و يمكن يعيش؟ ، مش ده هيبقى نصيبة ؟.


أغمض عينيه في تألم واضح ثم حسم هذا الصراع، وضع يديه تحت جسد جده و حملة و سار خارجا من الشقة متجها ناحية باب المصعد ثم نزل به الدور الأخير ثم ضرب الباب بقدميه  ليفتحه بعد أن أستقر ،خرج منه مسرعا، نزل سلم بوابة العماره ، رفع رأسه لينظر على مكان السيارة ثم تسمر مكانه واقفا حاملا جده من تأثير الصدمه من ما رآه عند مكان سيارته.


يتبع...
























هناك تعليقان (2):

المعسكر 6 .. الأخيرة

قرب نهاية الليل و قبل بزوغ الشمس بحوالي ساعتين و أكثر .. وقفت الفصيلة على شكل طوابير منتظمة الشكل في أبعد أركان باحة مركز التدريب، متكوم ...