الجمعة، 3 نوفمبر 2017

01 .. (2)



أغلق المتصل الغريب الخط في و جهه نسيم و تركه في و سط حيرة ينظر للموبايل كأنه يستنجد به و وإمارات الاستنكار تكسو ملامحه ، تشققت أحباله الصوتية من جفافها فلم يقوى على قول شئ حتى لو لنفسه ثم قاطع أفكاره صوت صاحب الموبايل الذي يمد يده ليأخذ الموبايل:

ـــ خلصت يا باشا؟

نظر نسيم إليه و الذعر يملأ وجهه غير قادر على الكلام، كل خلية من خلاياة شلت غير قادره على الحركة، رفع يده الأخري التي تمسك بموبايله الخاص، وجد أنه لا يلقط شبكة بالفعل .. نظر في عيني صاحب الموبايل الذي يقول له:

ـــ في حاجة يا باشا .. ممكن الموبايل بتاعي؟

رد عليه نيسم بصوت محشرج رافضا الخروج من فمه قائلا و الموبايل مازال في يده:

ـــ أنا آسف.

قالها نسيم و هو أسف بالفعل، ثم في سرعة ركض هاربا أخذا معه الموبايل الأخر الذي كان يصور به هذا الشاب و أصدقائة و بالطبع سمع من خلفه سباب من صاحب الموبايل بأبيه و أمه ثم سمعه هو أصحابه يتفقان أن يلحقانه من إتجهات مختلفة .. ركض نسيم بسرعة كبيره و هناك أثنان يركضان خلفة و بالفعل كادا أن يمسكانه و لكنه ناور بين الناس بخفة فلم يمسكانه، لمح نسيم بعينيه المصعد و بابه مفتوح ركض نحوة و دخل قبل أن يغلق الباب مباشرة و قبل وصول أصحاب الموبايل إليه ثم صعد المصعد لأعلى، خرج من المصعد متوترا للغاية ينظر حولة في عصبية حاده، أخرج موبايله من جيبه و حاول الإتصال بزوجته و بنته و لكن مازالت شبكته معطله .. نظر للموبايل الذي سرقه و موبايله، الأثنان نفس الماركه (أيفون) .. دخل متجر ملابس مشهور إلتقط قيمصا أصفر فاقع اللون و دخل غرفة تغيير الملابس أغلق الباب .. وقف يلتقط أنفاسه.

ما الذي يحدث بالضبط؟

ما الخطأ الذي أرتكبته؟

من من الممكن أن بفعل بي هذا؟

نظر للهاتفان في يده .. يبدو أنها جهة قوية في البلد .. كيف يعطلان شبكة موبايلي و يعرفون إنني أقف بالقرب من صاحب الموبايل الذي إلتقط له صورة؟ .. كيف؟

هل هناك من يراقبه في المول و ينقل تحركاته لشخص أخر؟

هل هم جهة إجرامية دولية أم ماذا؟

خلع قميصة ثم أرتدي القيمص الجديد الأخر .. رن الموبايل المسروق في يده برقم حفظه جيدا 015..........

رد على المتصل :

ـــ أيوة.

ـــ يعني لو كنت سمعت كلامي من الأول من غير عنتزة فارغه و تعملي نفسك مش همك مش كان يبقى أحسن من الشقلبزات اللي بتعملها دي و انت راجل اعمال و ليك مركزك.

ــ مراتي و بنتي فين .. و أنت مين؟

ـــ سيبك من الأسئله اللي مش هتنفعك و لا هتنفع غيرك دي .. فكرت في اللي قولتهولك؟

ـــ عايز مني أيه؟

ــــ هتبعت ميل لإدارة المنحة اليابنية تبلغهم إنك مش هتقدر تكمل تشطيب العشر مدارس اللي اتفقت إنك هتشطبهم و السبب هسيبك إنك اللي تألفه مش هنفرض أسباب عليك و تعمل ترشيح للهيئة العربيه المصرية الدولية للمقاولات إنها تكمل تشطيبات و تبعت إنهارده كل الورق و المقاسات و الخامات و أنواع المعدات و كل حاجة على عنوان الهيئة .. إنهارده.

ـــ الهيئة العربية المصرية اللي تبع ..

قاطعة المتصل بحده:

ـــ مش هتفرق تبع مين المهم إنك تنفذ.

ــــ طب و مراتي و بنت ..

أغلق المتصل الغريب الخط و ترك نسيم يقاوم غرق الحيرة على أن أمل ان يرفع رأسه خارج أمواج الخوف و يسحب نفسا قويا عميقا يرجع إليه قوة البأس و ركازة التفكير، خرج من غرفة تغيير الملابس و دفع ثمن القميص الجديد و خرج ينظر يمينا و يسارا و قرر ما هي الخطوة القادمة و لكن بمجرد أن تحرك وجد صاحب الموبايل أمامه و لكن يسير أمامه –الشاب من الخلف- فألتفت في الإتجاه المعاكس و أسرع الخطى، يندس في الزحام على قدر المستطاع.

أستغرق ساعة تقريبا يبحث عن زوجته و أبنته الحبيبة في الأماكن المعتاده لهم و لكن لم يجد شيئا، يفقد أمل أن يجدهم في كل متجر يدخله و لم يجدهم فيه و تسيطر عليه فكرة أنهم أختطفا فعلا .. جهة تغلق شبكة موبايلي الخاص و تسرق أشيائي من أمام الناس ثم تتصل بي على موبايل شخص لا أعرفة و لكنني أقف بجانيه فقط .. كل هذه الأسباب جعلته يقتنع ،هما أختطفا .. أخرج الموبايل المسروق من جيبه و حاول الإتصال بزوجته و لكن كان مشغولا و موبايل أبنته المثل أيضا وجد نفسه يقف أمام الحمام، دخل الحمام و في أول غرفة من غرف التواليت، دخل، أغلق الباب من خلفة و أغلق القاعده و جلس عليها.

فتح قائمة الأسماء المسجلة عى الموبايل المسروق .. على أن يتصل بأي من الأسماء المسجلة .. و لكن قائمة الأسماء كانت فارغة.

أغلق عيينه في قوة ثم فتحهم و أعتصر الموبايل في يده ، أمسك الموبايل المسروق بقوة .. فتح الفيسبوك، خرج من حساب صاحب الموبايل ثم دخل على حسابه الخاص، ثم أرسل رسالة لمديرة مكتبة ينادي عليها .. سامحة.

و جلس ينتظر رد منها .. دقيقة .. دقيقتين.

ـــ مستر نسيم حضرتك فين بحاول أكلملك موبايلك مقفول.

ظهرت الرساله على مسانجر الفيسبوك.

ـــ سامحة أزيك عاملة أيه .. بصي هقولك شوية حاجات تعمليها دلوقتي حالا.. تسيبي كل اللي في إيدك و تعمليه حالا .. تمام.

ــ خير يا فندم أتفضل

ـــ هتجمعي كل الورق المتعلق بمدارس المنحة اليابانية .. كل الورق المتعلق بكل حاجة .. و تخدي الفايل ده بنفسك و تروحي توصليه للهيئة العربية المصرية الدولية للمقاولات .. يدا بيد.

ـــ نعم؟!!!!

ــــ أسمعي الكلام اللي بقولك عليه من غير أسئلة .. و بعد كده تحجزيلي أنا و مراتي و بنتي 3 تذاكر لأمريكا في خلال أسبوع.

ـــ طيب حاضر حاضر .. طيب و إدارة المنحة اليابانية عندها علم بالموضوع ده؟

ـــ أنا هبعتلهم ميل دلوقتي.

ــــ طب و لما أعوز أكلمك يا مستر نسيم أعمل أيه؟ .. موبايلك مقفول.

فكر نسيم قليلا ثم طرأت على رأسه فكرة فأرسل لها على الماسنجر:

ـــ أبعتيلي رقمك و أنا هبعتلك على الواتس آب و لما الرقم اللي ببعتلك منه يظهرلك ،ابعتهولي.

ـــ؟؟؟!!!!!!

ــــ إسمعي اللي بقولك عليه من غير إستغراب.

ــ طيب حاضر,

أرسلت له رقمها، نسخة ثم أغلق ماسنجر الفيسبوك وفتح الواتس أب و أرسل لها بعض الحروف و أنتظر .. و لكن الحروف التي أرسلها لم تصل لرقم سامحة .. لقد أغلقوا عليه الواتس أب للموبايل المسروق .. حاول أن يتصل بنفس الرقم الذي أستقبل منه مكالمة الشخص الغريب و لكنه كان مشغولا أيضا .. أحبطت للغاية، فكل مدى يتأكد أنه يتعامل مع جهة أكبر من إمكانيات خياله أن يتخيل، قرر أنه لا بد أن يرضخ لأوامره .. أن يرسل الميل لإدالرة المنحة اليابانبة بلإعتذار و ترشيح تلك الهيئة العربية.

ولكن هذا الميل يحتاج استفاضة و كلام و شرح.

مع وصف مفصل للشركة الأخري و إنجازاتها، التي ستتولى مهام التشطيب بعد اعتذارة.

سأحتاج لاب توب حتما لأكتب كل هذا الكلام.

الموبايل سيكون عائق و يجعلة يستغرق وقت أكبر.

هل يشتري لاب توب جديد بدل من ما سرق منه في الكافيه؟؟

لا لن تصلح هذه الفكرة .. ساحتاج أن أستب و يندوز و تعريفات .. لا لا .. فكرة فاشلة.

أغمض عينيه بقوة مقاوما أخر حل لاح أمامه فلم يجد غيره.

فخرج من الحمام مسرعا .. فتح الباب .. وجد أمامه واحد من أصدقاء صاحب الموبايل المسروق .. نظروا لبعض مصدومين ثم ركض نسيم بسرعة قويه و الشخص الأخر يطارده بسرعة أيضا .. نتج عن هذه المطارده ارتطام عنيف بالناس و شارك فيها بعض من رجال أمن المول .. أنتشرت الفوضى مكان ما يخطو .. بدأ ينال التعب من نسيم و هو مازال يركض .. و على مسافة قريبة منه وجد شاب و فتاه يلتقطان صورة سيلفي، الشاب يحمل حقيبة من حقائب الاب توب ثم قال الشاب للفتاه شيئا ما فوقفت بعيده عن الشاب ممسكة الموبايل لتلتقط له صور منفردا ثم نزع الشاب الحقيبة من على كتفه ليعطيها للفتاه ليأخذ صوره بدونها ، و كانت تلك اللحظة المنتظرة لنسيم فأسرع الركض أضعاف عن ذي قبل و كأن هذا الشاب يمد يده بالاب توب له و ليس للفتاه .. و بالفعل أمسك الحقيبة و نزعها بسرعة مباغتة من يد الشاب و أكمل ركضا مبالغا فيه ليبحث عن مكان يختبئ فيه ليرسل ذلك الميل و ينقذ زوجته و أبنته.

وصل لجراج السيارات و هو ينظر حوله يمينا و يسارا حتى و جد مكان بعيد عن العيون ، جلس أرضا، أخرج الاب توب ، أستجمع تركيزه بنفس طويل ثم شرع في الكتابة .. أستغرق في الكتابة طويلا قرابة الساعة، أعتبر أنها أهم رسالة عمل يكتبها في حياته كلها .. نسقها و نمقها و راجعه جيدا و كتب كل المعلومات المطلوبة لإعتذار لجهة معتبرة كإدارة المنحة اليابانبة ثم ضغط .. إرسال.

أغلق الاب توب و وضعه في الحقيبة .. جلس مكانه القرفصاء واضعا رأسه بين ركبتيه يفكر في ما حدث و مازال يحدث .. كل ما كان يريده أن يعمل و يستثمر في هذه البلد و لكن على ما يبدو أنه أخطأ التقدير .. هناك جهه لا تريده ان يعمل، غير راضية عن وجوده، و لكن لما؟

قام من مكانه ليدخل المول مجددا أقترب من بوابة كشف المعادن ثم أتجه لرجل الأمن و قال له:

ـــ أنا لقيت الشنطة دى في الجراج بعد ما ركنت.

رد عليه رجل الامن و هو يلتقط الحقيبة:

ــ شكرا يا فندم، هنوصلها للأمانات.

صعدلأول دور من المول، رن التليفون المسروق في جيبه من نفس الرقم 015....... ، أخرج الموبايل و هو يحاول أن ينزوي عن الأعين:

ـــ ألو .. أنا عملت كل اللي أنت عايزه بعت الإيميل و مديرة مكتبي في خلال ساعة هتكون عندكوا .

ـــ كان من الأول يا مستر نسيم، كنت وفرت على نفسك وقت و مجهود و بهدلة للأخرين.

ـــ أنت مين؟

ـــ أنا واحد من ضمن ناس كتير عايزة مصلحة البلد و مصلحة أمنها.

تحسر في قرارة نفسه ثم سأله:

ـــ أيه علاقة شغلى مع المنحة بأمن البلد؟؟

ـــ المنحة دي ممكن بدل ما نبني بيها مدارس ممكن نبني بيها حاجات أهم يا مستر نسيم.

صعق نسيم من الكلام و الذي يحمل معان كثيرة، و لكنه أفرغ رأسه من هذه الأفكار و سأله:

ـــ مراتي و بنتي فين.

ـــ إطلع برة المول من بوابة 2 هتلاقيهم مستنينك.

أغلق نسيم الخط في وجهه محدثة من باب الإنتقام الفارغ الذي لا معنى له ثم خرج من المول يبحث عن زوجته و أبنته .. أخرج الموبايل المسروق و موبايله .. وجد أن موبايله التقط شبكة من جديد، إتصل بزوجته، سمع رنه ثم الأخرى ثم سمع صوت زوجته تجيب :

ـــ أيه يا نسيم ايه اللي بتعمله ده؟

أجابها في خوف :

ـــ فايزة أنت كويسة أنت و أمينة؟

ـــ أه كويسين هنكون مالنا .. مالك؟

ـــ أنا بحبكوا أوي يا فايزة

ـــ متوهش يا نسيم أنا مش هعديلك إنك كلمتني عشان أخدلك الاب توب بتاعك من الكافيه عشان نسيت تاخده المكتب و أنت ماشي من المول و أودهولك المكتب و قبل ما أطلع المكتب تكلمني تقولي تعالي المول تاني أنا رجعت خلاص .. أيه يا نسيم ده .. مش عايزنا نشتري حاجة أنا و بنتك قول على طول و بطل الحركات دي.

عقد نسيم حاجبيه و رد قائلا:

ــ طيب تعالي أنا مستنيكي برة عند بوابة 2.

أغلق الخط مع زوجته .. ثم نظر للموبايل المسروق في كف يده و خطر بباله فكرة .. إتصل بنفسه على موبايله الخاص من الموبايل الذي سرقه.

أتسعت عيناه للغاية في إندهاش ممزوج بخوف و هو ينظر للرقم الذي ظهر على موبايله أنه ..

نفس الرقم منذ البداية 015........


تمت.

01..




وصلوا هم الثلاثة للمول .. (نسيم) و زوجته و إبنتهم الوحيدة الصغيرة الجميلة، ذات الاحدى عشر عام من العمر، نسيم رجل تعدى الاربعين من العمر بقليل، ٍنسيم رجل أعمال مصري رياضي الجسد خفيف الحركة يهتم بمظهره جيدا، يرتده قميص أبيض و سروال من الجينس و حذاء أسود، أحرز نجاحات كثيرة في عمله بالخارج و لكنه رجع منذ خمس سنين ليبدأ مشروعاته المقاولاتية في مصر، لإزدهار هذا السوق فيها ثم رويدا رويدا و خلال فترة قصيرة ، أحرز نجاحات عدة و بالمشاركة مع شركة أجنبية رفيعة المستىوي، أنهى أول كمبوند في مدينة السادس من أكتوبر بمقاييس مختلفة عن كل هو مقدم في السوق المصري و وضع حذاءه على أول درجه من درجات الثراء.

القى نسيم التحية على زوجته و بنته ليتركوه و يذهبوا لشوبنج نسائي لعين – من وجهة نظرة - و هو جلس في كافيه من الكافيهات المفضلة لديه و أخرج الاب توب الخاص به و الموبايل، ثم أوصل الاب توب هوت سبوت من الموبايل ليدخل على شبكة الإنترنت و يباشر بعض الاعمال عن طريق الايميل و خلافة .. أندمج في مراجعة أعماله و قراءة بعض من الأخبار ثم جاءة إتصال تليفوني .. رقم غير مسجل لديه 015....... من شبكة الإتصالات الجديدة .. أجاب:

ــ ألو

أستقبلت أذنه صوت رخيم هادئ:

ـــ مستر نسيم إزي حضرتك؟

ــ انا كويس .. مين معايا؟

ــ من غير مقدمات طويلة أنا بكلمك بخصوص عقود التشطيبات بتاعة المنحة اليابانية بتاعة المدارس.

ــــ أيوة مين معايا برده؟

ـــــ أنا عارف إن ليك شريك أجنبي مخلي موقفك قوي في المناقصات الخاصة بالحاجات اللي زي دي.

ـــ ممكن أعرف مين بيتكلم، لأني مش هتكلم في أي حاجة من غير ما أعرف مين معايا.

ـــ مستر نسيم إسمي مش هيفرق في أي حاجة معاك .. أحنا لينا طلبات مش هتقدر ترفضها.

قام نسيم من مكانه تاركاالاب توب و المنضده التي كان يجلس عليها و علامات إنزعاج حاده على وجهه قائلا:

ــــ أحنا ؟!!!! .. أنتو مين و طلبات أيه .. أنا أصلا مش هكمل كلام معاك.

ثم نزع الهاتف المحمول من على أذنه و أغلق الخط بدون سابق إنذار مع محدثه، وقف ينظر يمينا و يسارا و كأنه يبحث عن شخص ما .. تاهت الأفكار في تلافيف مخه فاقدا القدرة على التركيز و في غمرة تفكيرة رن الهاتف في يده بنفس الرقم فأجاب دون أن ينطق إلى أن سمع:

ـــ متقفلش الخط تاني يا مستر نسيم، المكالمة اللي دايرة ما بينا دلوقتي ممكن تكون أهم حاجة في حياتك و حياة عيلتك.

عقد نسيم حاجبيه قائلا:

ــــ قصدك أيه؟

ــــ أنا عامة أعرف عنك كتير و من اللي وصتلو، إنك شخص عنيد جدا عشان كده هسألك سؤال صغير .. الاب توب بتاعك فين؟

إلتفت نسيم بحركة حادة مكان ما كان يجلس في الكافية و لكنه لم يجد شيئا مما تركه على المنضدة قبل أن يقوم، من مكانه ثم أكمل المتصل:

ـــ أنا ممكن أخد منك أي حاجة .. هتسمع بقية كلامي و لا تحب تجرب حاجة تانية؟

سكت نسيم و لم يقوى على الرد و لكنه بلع ريقة فقط فأكمل المتكلم:

ـــ أنا عارف إن شركتك داخلة برأس مال كبير في في منحة المدارس اليابانية و كل المطلوب منك إنك تتعذر عن أستكمال المشروع نظرا لأي حاجة.

سمع نسيم الكلام و لكنه رفض ما يحدث و ما يقال و انه بالقطع لن يفعل ما يقوله هذا المتصل، هل ما يحدث هذا جد أم هزل من أحد يعرفه مثلا ،و هل يقوى المتصل على فعل شئ فعلا .. فكر مليا ثانية و أستجاب لطبيعته المتمرده التي ترفض الإستسلام و أغمض عينيه في قوة و قرر تجاهل ما يحدث و أغلق الهاتف مرة ثانية بدون سابق إنذار.

دخل الكافية ثانية و سأل النادل عن اشياءة التي سرقت و لكن النادل لم ير شيئا و لا يعرف كيف سرقت، خرج نسيم من الكافيه ممسكا موبايله يبحث بعنبه يمينا و يسارا ثم رفع الهاتف و يتصل بزوجته فيقابل الصمت أذنيه نظر للموبايل فوجده لا يستقبل شبكة عقد حاجبيه ثم أطفأه و أشعله مرة أخرى، أحسس ببعض النقر على كتفه من خلفه فألتفت فوجد شخص غريب مع أصدقائه ينظر له و يستأذنه أن يلتقط لهم صورة .. في وسط عواصف أفكاره ألتقط الموبايل من يد الغريب ليلتقط لهم صورة سريعة بعدم تركيز و أهتمام، ثم أمسك صاحب الصورة الموبايل ليرى الصورة و تجمع حوله أصحابه ليعاينوا الصورة معه و لكن موبايله رن مستقبلا مكالمة.

أشعل نسيم الموبايل و حاول الإتصال بزوجته و لكن لم يستجيب و مثل الأمر مع أبنته .. الموبايل لا يستقبل شبكة تماما، شعر ببعض النقر على كتفه مرة أخري فأستنتج أن هؤلاء الشباب يريدون صورة ثانية فالتفت بعصبية غير مقصوده قائلا:

ــ نعم؟؟!!!

وجد بالفعل نفس الشاب مرة أخرى مادا ذراعيه بالموبايل ليعيطيه إليه و قال و تملأ وجهه نظرة غريبة:

ـــ تليفون عشانك.

نسيم في إندهاش مروع:

ـــ نعم!!! .. عشاني أنا.

ـــ أيوه هو قالي أديني الراجل اللي كان بيصورك دلوقتي.

قفز الذهول على وجهه نسيم غير متنازلا عن تركه و هو يلتقط الموبايل ببطئ و يقول:

ـــ ألو.

أستقبله صوت منفعل

ــأنا كنت عامل حسابي إنك هتتعبني .. أوعى تفتكر إنك قفلت الموبايل في وشي إن الموضوع خلص .. أنا هعرفك إنك مبتتعاملش مع أمااااااك .. موبايلك مش هيلقط شبكة غير لما أنا أعوز.. بنتك و مراتك مش في المول و مش هتعرف هما فين غير لما تنفذ اللي بقولك عليه .. تعاملي معاك هيبقا عن طريق التليفون اللي في إيدك ده.

ــ أزاي

ـــ معرفش .. إتصرف .. ده تمن إنك قفلت من غير ما اكمل كلامي .. هكلمك كمان ربع ساعة على نفس الرقم ده عشان نكمل كلامنا .. سلام.

ثم أغلق الخط في و جهه و تركه في و سط حيرة ينظر للموبايل كأنه يستنجد به و وإمارات الاستنكار تكسو ملامحه ، تشققت أحباله الصوتية من جفافها فلم يقوى على قول شئ حتى لو لنفسه.

ترى ماذا سيفعل نسيم في هذا الموقف الصعب.



أنتهي الجزء الأول 

يتبع... 

الأحد، 24 سبتمبر 2017

هناك 2


قلعت هدومي و حطتها على السرير و لبست هدوم تانيه مش عارف ليه بس قولت عشان أبقى لابس حاجة تانية غير اللي شوفتها في العدسة لم شوفت نفسي بركب العربية .. المهم و أنا خارج من الأوضة حصل حاجة غريبة لا يمكن تتخيلها.



و أنا خارج من الأوضة لقيت ماما في وشي كانت شايلة شفشق عصير ليمون و أنا كنت خارج مستعجل خبطت في ماما و العصير كله وقع علية، طبعا كان لازم أغير هدومي و طبعا زي ما أنت متوقع لبست الهدوم اللي كنت لابسها قبل كده و اللي كنت شفت نفسي بركب العربية بيها في العدسة من شوية ..فعلا لبست نفس اللبس خدت العدسة ي إيدي و نزلت ركبت العربية و رحت لعمي اللي ساكن في التجمع الخامس دلوقتي.

عايز أقولك إن بعد موقف اللبس ده حسيت إن مفيش مفر من ان لازم أعمل زي اللي بشوفه بيحصل في العدسة و إني مستحيل أهرب أو أغير من اللي بشوفه فيها.

وصلت لعمي،طلعت الدور الرابع، فتحلي و دخلت قعدت في الصالون سلمنا على بعض و و هو طلبلنا 2 قهوة سادة معرفش ليه و بعديت ابتديت أنا الكلام.

ـ أنا جيلك إنهارده بخصوص املاك بابا اللي أنت أخدتها من غير وجه حق.

ـ أنت غلطان أنا اخدت حقي مش أكتر.

ـ حقك .. حقك أكتر من 90% من أملاك بابا .. أنت أزاي بتقول كده انا لولا إني متربي كان زماني ليا تصرف مختلف معاك.

ـ انا أشتغلت معاك أبوك عمري كله و ربنا مرزقنيش بأولاد .. يعني لا مال و لا بنون.

ـ و أنا مالي ربنا مرزقكش .. تقوم تسرق؟

قام عمي من مكانه و أنا قومت، طبعا النقاش احتد قوي و كنت خايف يحصل أي حاجة مش معمول حسابها .. بعد ما قومنا لقيته حصله حالة غريبة جدا .. علامات رعب و خوف مش طبيعية ظهرت على وشه و جسمه و رجع لورا لدرجة أنه وقع هو و الكرسي على الأرض .. أنا طبعا مبتقش فاهم حاجة و مش عارف بيعمل كده ليه و مدرقتش أنطق و لا كلمة، فسألني وصوته زي ما يكون هيعيط و هو بيشاور على حاجة في إيدي:

ـ أنت جبتها منين؟

رفعت العدسة اللي كانت في إيدي و أنا مستغرب أوي وقولتله:

ـ أنت خايف من دي ليه؟

ـ أنطق جبتها منين يا حيواااان؟

ـ في منطقة حفر في مصر الجديدة .. أنت خايف ليه كده .. ماااالك؟

ـ أنا خلاص هرجعلك كل فلوسكوا بس تسبني في حالي .. أرجوك

و بدأ يعيط.

ـ أنت عارف أيه دي .. عشان كده أنت خايف منها .. أيوه أنا فهمت أنا لقيتها إنهارده قدام شقتك القديمة و أحنا بنحفر هو أنت اللي دفنتها هناك صح ... رد عليااااا

ـ أنا دفنت العدسة دي من أكتر من 20 سنة و قلت أنا هربت منها .. لو أنت أستخدمت العدسة أكيد عرفت إنها بتبينلك مستقبل الحاجة اللي انت بتحط عليها العدسة .. المستقبل القريب.

ـ أيوا صح .. بس أنت برده خااااايف ليه .. فهمنيييييييييي.

ـ في طريقة واحدة بس اللي تخليك تعرف مستقبلك أنت و أنا عرفت الطريقة دي و لما عرفت مستقبلي دفنتها عشان أهرب من اللي شوفته فيها.

ـ و أيه اللي خلاك تدفنها.. شوفت أيه في مستقبلك؟

ـ هديك كل فلوسك بس سيبني في حالي أرجوك.

أنا كنت واقف بكلمه هو مرمي على الأرض و أنا واقفب جنب مراية البوفيه بتاع السفرة بالصدفة لمحت حاجة بتتحرك في العدسة و أنا واقف شدت أنتباهي، قمت رفعت العدسة أدام المرايا.



لقيت مستقبلي فعلا زي ما عمي قال .. فهمت كل حاجة و فهمت قصده لقيت نفسي في العدسة بتخانق مع واحد و بضربه و الضرب فضل رايح جاي و بعد كده رفعت العدسة و بضهرها المتسنن ده غرسته في رقبته و مات، المنظر مكنش باين فنزلت العدسة و رفعتها أدام المرايا تاني عشان المشهد يتكرر و أركز أكتر.

بعد ما كررت المشهد و فهمت كل حاجة و اتصعقت و مكنتش مصدق .. لقيت عمي قام و نط عليا و كتفني من ورا، ضهري وقعت على الأرض و قعدنا نضرب بعض ضرب غير طبيعي تقريبا ربع ساعة من الضرب المتواصل، طبعا بعد ما سرق فلوسي و كمان كان بيضربني و أنا شاكك أنه كان عايز يقتلني من ضربة العشوائي اللي كان بيضربهولي  و كمان العدسة كانت بتقول أني هقتله، بعد مل ضربنا بعض كتير لمحت العدسة مرمية تحت الكنبة وطيت جبتها و سيطرت علية فكرة إني أقتله و مشهد قتله اللي شوفته في العدسة عمال يتكرر في خيالي .. قعدت بركبي على جسمة و رفعت ضهر العدسة المتسنن عشان أنزل بيه على رقبته و أقتله بس قبلها سألته:

ـ أيه اللي شوفته في العدسة من أكتر من 20 سنة خلاك تدفنها عند بيتك البيت القديم.

ـ وقفت قدام المرايا من 20 سنة و شوفت نفسي فيها و أنا بتقتل بضهر العدسة بس مشوفتش مين اللي قتلني فكان لازم أخفيها عشان متوصلش لحد و يقتلني بيها بس إظاهر محدش يقدر يفلت منها.

ساعتها مكنش الموضوع محتاج تفكير، نزلت بالعدسة على رقبته بكل قوتي و غرستها فيها و قتلته.

و إتقبض عليا بعد كده و خدت حكم إعدام.

و أنا بكتبلك كلامي ده دلوقتي و مستني يندهولي عشان ينفذوا الإعدام.


بس أنا كاتبلك الجواب ده عشان أوصلك و أوصل لكل الناس اللي هتقرأ قصتي، إني فعلا قتلت عمي بإيدي بس أنا مكنتش عايز أقتله، أنا فعلا من جوايا مكنتش عايز أقتله أنا صدقت إن العدسة فعلا هي القدر و إني لازم أستجيب ليها و إن المستقبل واحد بس .. اللي كان في العدسة .. بس الحقيقه أن ده كان وهم .. أنا كان ممكن أختار .. بس الإستسلام لوهم الظروف اللي حوالينا في أغلب الأوقات بيقى أسهل بكتير من مشقة التفكير في الإختيار.


تمت .

الجمعة، 22 سبتمبر 2017

هناك 1




أنا ليا صديق قديم انقطعت صلتنا ببعض من زمان، بعتلي القصة دي و وعدته إني أنشرها على الصفحة بتعتي، هو كلمني و طلب من أنشرها على صفحتي و طلب مني أن أطلب منكو تعملو شير عشان اكتر عدد من الناس يعرف أنه برئ و أنه فعلا حاسس أنه ملوش ذنب في أي حاجة عملها .. نبدأ الجواب اللي بعتهولي بدون تطويل.



صاحبي معتز،

أنا بكتب بسرعة لأن مافيش قدامي وقت كتير، ممكن يندهولي في أي وقت، هتلاقي غلطات إملائية و ممكن أحكي الأحداث بدون ترتيب و بكتب بالعامية لأني مش قادر أفكر.

المهم.

أنت عارف أنا بشتغل مهندس في قسم الإنشاءات في وزارة الكهرباء، كان عندي جوبيه في مصر الجديده، كنا الصبح في أول اليوم بنحفر هناك في الأرض عشان الحكومة عايزة تنقل الكهرباء في الأرض عشان مصر الجديدة هي المنطقة الوحيدة اللي كهربتها عواميد - الحفر ده بالمناسبة كان عند بيت عمي القديم - المهم كان الحفر شغال عادي لغاية لما البلدوزر لقي و هو بيحفر حاجة صلبة إفتكرها صخرة كبيرة قعد يحفر بيها بس ما إتكسرتش، وقفنا شغل و كل العمال و المهندسين نزلو في الحفر عشان نشوف أيه ده، لقيتا صندوق حديد صغير طلعناه من الحفرة حاولنا نفتحة معرفناش فجبنه شاكوش و كسرناه، لقيتا جواه حاجة عجيبة جدا مش هتصقدقها .. عارف لقينا أيه.

عدسة مكبرة.

أه عدسة مكبرة بس مستطيلة مش مدورة و الهاند اللي بتممسك منها تقريبا من السيراميك أو العاج حاجة زي كده و متسننة من أخرها كده زي السكينة، طبعا الناس قعدت تضحك و مهتموش بالموضوع، أخدت انا العدسة و غسلتها و نظقتها و ظبتها كده – فضول- و فعلا مسكتها بإيدي و رفعتها قعدت أجربها لقتها بتقرب الحاجات جامد جدا، المهم قعدت ابص من خلالها على الناس و الحاجات اللي حواليا لغاية لما وصلت لمكان ما أنا راكن عربيتي لقيت واحد بيجري بيفتح باب العربية و بيركبها شلت العدسة بسرعة و ببص لقيت العربية زي ما هي محدش جه ناحيتها .. جربت تاني و رفعت العدسة قدامي ناحية العربية تاني لقين برده في حد بيفتح باب العربية و بيركب .. جربت كذا مرة كل مرة نفس الحاجه بس قعدت ادقق اكتر لقيت إن اللي بيركب العربية ده أنا .. لقيت نفسي أنا اللي بركب العربية و مستعجل و أنا بركبها.

عايز أقولك إني خوفت بطريقة رهيبة و قعدت أبص للعدسة و اقلبها في إيدي و مقبتش فاهم دي عدسة سحرية دي و لا أيه .. .. لسة عمال أبص فيها كده قام موبايلي رن لقتها ماما كنسلت عيها كلمتني تاني.

أيوة يا ماما

الحقني يا كمال .. الحقني يا ابني.

فيه يا ماما بتعيطي ليه

تعلالي حالا عمك نهبنا و سرق فلوسنا كلها .. تعالا دلوقتي.

طيب اهدي و أنا جي في الطريق.

قفلت معاها، جريت بسرعة على العربية فتحت الباب و ركبت و حطيت إيدي على الدركسيون .. طبعا زي ما انت فهمت كده أنا عملت نفس المشهد اللي انا شوفته في العدسة من شوية .. ركبت العربية و أنا مستعجل.

وصلت البيت و طلعت – و انا معايا العدسة في إيدية – دخلت لقيت ماما هريه نفسها من العياط، قعدت هدتها و قالتلي ايه المشكلة.

أنا أبويا مات من شهر و الحقيقة كلن سايبلنا شوية أملاك مش قليلة و كان عمي بيدير لبابا شغله زي مدير كده .. بابا كان عمله التوكي، بعد مب بابا مات عمي باع لنفسه حاجات كتير و سابلنا حاجات فتات، يعني عربيتين و فندق الزعفرانه المهجور اللي على طريق الزعفرانه و خد الباقي، هو فعلا تقريبا مسبلناش حاجه .. شغل زي بتاع الأفلام بالظبط يا معتز .. أنا مكنتش نصدق إن في كده.

حصلي حالة صدمة غريبة، سبت ماما و دخلت أوضت قفلتها و قعدت على السرير و العدسة في إيدي .. سرحت و فكرت و اتحسرت و عيطت و كل حاجة، وسط كل ده بصيت للعدسة و افكر في اللي حصل معايا و مع العدسة و موضوع العربية تقريبا مكنتش عايز افكر في اللي عمي عمله معانا قعدت العب بالعدسة ارفعها هنا و هنا، رفعتها في إتجاه الدولاب لقتها مبينالي إن ماما واقفة أدام االدولاب و فتحاه و بتطلع منه حاجة أو بتحط حاجة – مكنش واضح – نزلت العدسة جنبي و قعدت في مكاني حوالي 10 دقايق، دخلت ماماالأوضة و معاها هدوم فتحت الدولاب و بدأت ترص الهدوم في الدولاب .. و خرجت.

خرجت ماما من الأوضه .. قعدت متنح كتير مش مصدق كل اللي بيحصل حوالية .. قومت من مكاني على السرير، دخلت البلكونة و العدسة في إيدية و سرحت في أفكار كتيرة .. مبقتش عارف أعمل أيه في موضوع عمي ده نخش في قضايا و محاكم و لا أجرب معه ودي الأول، عجبتني فكرة أني أروح أتكلم معاه و قررت أروحله أتكلم معاه.. رفعت العدسة أدامي أبص للناس اللي ماشية في الشارع، يمين في شمال العدسة جت على عربيتي لقت طالع فيها نفسي و أنا بركبها، زي ما تقول بدأت أتعود على الموضوع .. نزلت العدسة و رفعتها تاني ناحية العربية لقيت نفس الكلام، شايف نفسي و أنا بركب العربية، قولت أنا أنزل أروح لعمي و أتكلم معاه و أشيل موضوع العدسة ده من دماغي شوية.



قلعت هدومي و حطتها على السريرو لبست هدوم تانيه مش عارف ليه بس قولت عشان أبقى لابس حاجة تانية غير اللي شوفتها في العدسة لم شوفت نفسي بركب العربية .. المهم و أنا خارج من الأوضة حصل حاجة غريبة لا يمكن تتخيلها.


أنتهى الجزء ده 
مع تحيات معتز حجازي

الخميس، 14 سبتمبر 2017

فطرة عين 4 .. الأخيرة



خرج إبراهام و راكي الكلب من قلب الأشجار، يسيران بجوار بعضهما، إبراهام يرتدي حقيبة ظهره معلقا بها السكيت بورد و الفأس الخاص براكي الذي طلب من إبراهام أن يحمله .. خرجا من قلب الغابة الصغيرة وجد إبراهام نفسه على قارعة طريق اسفلتي ممهد للسيارات، إتجها سويا يسيران بمحاذا الطريق فسأل إبراهام راكي:

ــــ أمن الأن لن أقدر على سماعك يا راكي؟

لم يسمع رد من راكي ثم بعد برهة سمع بعض الكلمات المتقطعة كمحطة راديو ضعيفة الإرسال :

ـــ خرجنا .. نطاق .. المدى.

أدرك إبراهام إنه لن يسمع راكي ثانية، فسار في صمت .. بعد بضعة دقائق وجد على يمين الطريق ماركت صغير أو مكان لبيع بعض الأشياء الضرورية و عمل مشروبات ساخنة و هكذا فقال لراكي:

ــــ ما رأيك أن نشتري بعض الطعام للطريق لأننا سنسير كثيرا و أحتسي بعض القهوة الساخنة.

توقف راكي في مكانه، نظر إبراهام له في تساؤل قائلا:

ــــ ماذا بك يا راكي لماذا توقفت، سنشتري بعض الأشياء سريعا و نكمل بعد ذلك دون توقف.

نبح راكي على إبراهام دون أن يبرح مكانه.

فقال له إبراهام:

ـــ حسنا إنتظرني هنا سأشتري بعض أشياء سريعا و آتي .. لا تتحرك من هنا.

هرول إبراهام داخلا هذا الماركت الصغير، إبتاع بعض التسالي و الطعام و أضاف بعض السكر لقهوته التي تبدو رديئة ثم دفع المال و خرج سريعا و هو يبحث بعينيه عن راكي قائلا:

ـ لم أتأخر

لم يجد راكي في مكانه فبحث بعينيه يمينا و يسارا فوجده .. وجد عربة ريع نقل صغيرة تقف عند بداية الطريق الممهد و هناك من ربط راكي بطوق عند رقبته و يقف في الجزء الخلفي للسيارة النقل و يجر راكي من رقبته ليجبره على الصعود .. فزع إبراهام فألقى ما في يديه و جري ناحية السيارة و هو ينادي:

ـــ هاااااي .. أنت .. توقف .. هذا الكلب لي.

أجبر هذا الرجل راكي على الصعود ثم أخذ يضرب بيديه بقوة على سطح السيارة ليتحرك سائق السيارة سريعا و بالفعل تحركت السيارة قبل لحيظات من وصول إبراهام لهم، قفز إبراهام قفزة كبيرة لعله يمسك بطرف السيارة او أي جزء منها و لكن السيارة كانت أسرع من قفزته فسقط أرضا تدحرج سريعا ثم قام و هو يكمل جريه خلف السيارة بسرعة تستحق الإنبهار ثم واتته فكرة وضعه قيد التنفيذ مباشرة حيث نزع الأسكيت بورد من حقيبة ظهرة و قذفة أمامه بعيدا ثم بقفزة خفيفة وقف عليه و هو يضرب الأرض بقدمية بسرعة مرات متتالية و بالفعل بدأ يقترب من السيارة التي تحمل راكي، بحث بعينيه عن راكي وجده جالسا مستسلما في الصندوق الخلفي مع خاطفه إلى أن راكي لمحه وقف ينبح عليه كأنه فرح أنه لم يتركه، مسكه الخاطف راكي من جسده و أخذ يضرب سطح السيارة ليسرع السائق من سرعة السيارة و لكن كان هناك منحني خطير يتطلب تهدئة سرعة السيارة و بالفعل أبطأ قليلا و هو يأخذ هذا المنحنى مما أدي أن الجزء الأيسر من السيارة بدأ في الإرتفاع قليلا عن الأرض، هنا أخرج إبراهام الفأس من حقيبة ظهره و كأنه يخرج سيفة كفارس من العصور الوسطى و هو على نفس سرعته على الأسكيت بورد و مع بطئ السيارة لأخذ المنحنى ببطئ أقترب للغاية من السيارة و رفع الفأس لأعلى ليقذف به الرجل الممسك براكي و لكن الرجل خاف أن يصيبة هذا الفأس فترك راكي و هو يحمي وجهه بذراعيه فأستغل راكي أن الرجل تركه فقفز من السيارة فأصطدم بإبراهام فسقطا هما الإثنان أرضا و تدحرجا سويا و أبتعدت السيارة مكملة طريقها.

قام إبراهام بنصفه الأعلى و هو ينهج بقوة و ينظر للسيارة المبتعدة ثم نظر لراكي الراقد أرضا بدون حركة فذهب إليه زاحفا قائلا:

ـــ راكي .. أأنت بخير؟

و عند إقترابه من راكي وقف راكي على قدمية فأمسكه إبراهام من وجهه ليطمأن عليه فوجده ينهج هو الأخر بقوة نظر لعينيه في محاولة منه أن يستشف أي شئ أو يفهم أي شئ و لكنه لم يقدر أن يفهم شيئا فتركه و جلس يستريح فلم يقم بمجهود بدني بهذه القوة منذ زمن .. مرت بضع دقائق و هو إبراهام يأخذ شهيق و زفير حتى هدأ تماما ثم وقف و نظر لراكي قائلا :

ـــ لقد أضعنا كثير من الوقت و أنا أريد أن أصل للوتربرنن لتفهمني كل شئ.

نزع الحقيبة من على ظهره و أفرغ كل محتوياتها ثم ثبت االفأس في مكانه على الشنطة بشريط لاصق قوي ثم حمل راكي من تحت إبطيه كلأطفال و وضعه داخل الحقيبة حتى لم يعد يظهر منه غير رأسه و ذراعيه ثم أرتدى الحقيبة التي بداخلها راكي و وضع الأسكيت بورد أرضا ثم وضع سماعات الأذن المتصلة بتليفونه الخاص ليسمع أغنيه المفضله .. و قال:

ــــ أمسك رقبتي جيدا يا راكي.

لف راكي ذراعيه حول رقبة إبراهام ثم .. إنطلق إبراهام .

يضرب الأرض بقدميه لينطلق بالأسكيت بورد ينهم الأرض بسرعة خاصة أن معظم الطريق كان يتجه لأسفل فكان يزيد من سرعته و الهواء يرتطم بوجهه هو و راكي بقوة و عندما يصعد الطريق لأعلي يمسك في إحدى الشاحنات الماره لتساعده على الصعود بسرعة .. ظل على هذا الحال قرابة الساعة و نصف حتى لاح له شلال لوتربرنن الشهير في الافق ، فتوقف و نزل من على البورد ثم ضربه بقدميه ليرتفع و يلتقطه بيديه و يثبته على ظهر الحقيبة ، نزع سمعات أذنيه، بدأ يسير مع الطريق حتى يصل للشلال .. أحس بحركة قوية في الحقيبة ثم قفز راكي أرضا و نظر لإبراهام و سار في إتجاه معين حتى يمشي إبراهام خلفه .. سار خلفه إبراهام حتى منطقة بيوت مهجورة ثم سمع راكي و هو يتوقف ناظرا لإبراهم:

ــــ أشكرك كثيرا على حرصك على تخليصي من يد هؤلاء.

توقف إبراهام و نظر لراكي و كأنه يراه لأول مرة .. فإحساسه به و هو يتكلم غير و هو صامت مثل باقي الكلاب العادية فرد عليه:

ــــ أهلا بعودتك يا راكي .. لقد أفتقدك حقا

ــــ إنني حقا في غاية الإمتنان لما فعلته من أجلي.

ــــ من هؤلاء يا راكي و هل هذا سبب إعطائك هذا الفأس لي؟

ـــــ لا هذا ليس سبب حملك للفأس لي .. و لكن هناك بعض الأناس الذين يريدون صيدي لأنني نوع نادر من ما تسمونه الكلاب ثم يبعوني بثمن غال و هذه ليست المحاولة الأولي لهم.

ـــــ ألهذا لم تكن تريدني أن أدخل هذا المكان؟

ــــ لم أكن أعلم أنهم موجدون و إنما كنت أفضل أن نكمل سيرا على أن نقف في مكان لا نعرف أن نتواصل فيه سويا .. دعنا نكمل سيرنا و نحن نتكلم.

سارا بجوار بعضهم ، يمشون وسط البيوت المهجورة فسأل إبراهام:

ــــ لماذا البيوت مهجورة في هذه المنطقة؟

رد راكي :

ــــ منطقة المدى التي تسمعني داخلها تزيد مساحتها من حين لأخر و مؤخرا زادت حتى شملت هذه المنطقة التي نسير فيا الآن و بالتالي الناس بدأت تسمع الحيوانات و هي تتكلم من حولها و لكنهم لم يفسروا أننا الذين نتكلم و لكنهم إعتقدوا أن هناك جن أو أرواح في المكان فتركوه و رحلوا.

هز إبراهام رأسه متفهما ثم أكملا السير .. يصعدان الجبل الذي ينزل منه الشلال و كانت من اللحظات الجميلة في حياته أن يصعد جبل أخضر و بجواره شلال ينسال في هدوء رقيق، و يرافقه كلب يتحدث إليه في مواضيع لم تخطر بباله قبلا.

(هل تعلم يا مستر مايكل؟)

قاطع راكي أفكار إبراهام بهذا السؤال فإنتفض و هو يرد على راكي قائلا:

ــــ ماذا يا راكي.

ـــــ رغم مقتي لكم في العموم ألا ان هناك تصرف تفعلونه دائما ما يثير إنتباهي و أعجابي في ذات الوقت.

ـــــ ما هو هذا الفعل.

ـــــ عندما تترك روح أحد منكم جسده .. فتدفونه.

إبراهام: أهذا هو التصرف الذي يثير إعجاك؟

ــــ إنه في إعتقادي التصرف الوحيد الذي يفرق بيننا و بينكم.

عقد إبراهام حاجبيه و هو يرد:

ــــ و لماذا لا تفعلون مثلنا و نصبح متساوين.

رد راكي:

ـــــ فلنقف ف مكاننا هذا و سأرد عليك لاحقا و لكن أنظر.

كانا و صلا عند قمة جبل الشلال، يقفون بجوار فرع نهر الذي نهايته هذا الشلال، وقف إبراهام مذهولا من جمال المنظر الذي يقف بين يديه، وقف مسحورا أمام هذه اللوحة يحاول أن يتبين تفاصيلها ثم جلس أرضا عند حافة الجبل المتاقبلة مع بداية الشلال ثم جلس بجوارة راكي و أكمل كلامه:

ــــــ نحن لا نفعل مثلكم يا مستر مايكل لإننا لم نفطر عليه، هل عمرك شاهدت كلب يحفر قبرا لأخيه الكلب ثم يدفنه؟

بحث إبراهام بعقله سريعا في ذاكراته عن مشهد كهذا و لكنه لم يجد فرد:

ـــــ في الحقيقة لا.

ـــــ أكيد لا .. و لكننا نملك ميزة لا تملكونها أنتم البشر؟

ـــــ ما هي ؟؟؟

ـــــ إننا نعلم متى سنموت و لكن قبل ميعاد موتنا بقليل.

ذهل إبراهام من ما يقول راكي و سأله:

ــــ و لكن لماذا وهبتوا هذا الميزه يا راكي؟

ـــــ الأمر واضح .. أنه نفس السبب الذي بسببه لا تعلمون متي ستموتون؟

عقد إبراهام حاجبيه و قال:

ـــ و ما هو هذا الأمر؟!!!

رد راكي قائلا:

ـــــ لإنكم مخيرون بالطبع ، لابد أن لا تعلموا متى ستموتون .. وإلا ما الفائدة؟؟

فكر قليلا إبراهام ثم سأل راكي:

ـــ و هل يشكل فارقا لكم أن تعلموا متي ستموتون.

ــــ الإجابه في سؤالك مستر مايكل .. لا يشكل هذا فارقا لذلك ما المانع أن نعلم قبلها .. على الأقل أجد مكان مناسب أموت فيه.

ــــ لذلك أنت معجب بدفننا لبعضنا البعض و تراه أنه الذي يفرق بيننا؟

رد راكي بصوت متأثرا:

ــــ بالضبط .. أنه التصرف الحضاري الوحيد الذين تقومون به و مازال يذكركم بإنسانيتكم.

نظر إبراهام لراكى نظر طويلة و هو يفكر فيما قال له هذا الكلب الجالس بجوارة أرضا.

نزع الحقيبة المعلق بها البورد و الفأس و وضعها أرضا.

سرح إبراهام بأفكاره أمام الشلال.. هل هذا التصرف هو الشئ الوحيد الذي يفرق بيننا و بين الحيوانات؟ .. هل الإنسان يدفن بعضه لنتذكر إنسانيتنا و نتذكر إننا مخيرين في هذه الحياة .. هل لو الإنسان علم بميعاد موته كان سيحتاج من يداريه تحت الأرض أم سيعد هذه العدة لنفسه مسبقا .. لماذا هذا الإهتمام بالبدن من الأصل .. سواء من جانبنا أو من جانب حيوان كهذا.

ثم خطر على بال إبراهام سؤال ، فسأل راكي:

ــــ و هل علمت بميعاد موتك يا راكي؟

نظر لراكي الراقد بجواره أرضا منتظرا أن يحيبه و لكنه لم يرد فكرر:

ــــ أتسمعني يا راكي .. راكي .. راكي.

قام إبراهام من جلسته و إقتترب من راكي و يهزه بيديه قائلا:

ــــ راكي .. هلا أنت نائم ؟

أخذ يهزه إلى أن قلبه على ظهره و وجده مغمض العينين وبدون حراك .. فزع إبراهام و رجع للخلف و علم إن هذا الكلب قد مات.

وقف مدهوشا لا يعلم ماذا يفعل ينظر للشلال ثم ينظر لراكي ثم ينظر للشلال ثم ينظر لراكي و يلتفت حوله يبحث عن شئ لا يعرف ما هو.

ما الذي يحدث ؟

ماذا علي أن أفعل الآن؟

أأتركه الآن؟

أذهب؟

لقد إرتبط بهذا الكلب كثيرا .. لقد شغلته دنيا الأعمال و نسى أنه مازال يملك هذه المشاعر ، لقد ود لو أصطحبة معه في حياته، لقد قارب الكلام بينهم كثيرا و سريعا،حتى شعر أنه يشى مع صديق له و ليس مجرد حيوان أليف يشتهر بالوفاء، لقد كان يعلم راكي انه سيموت حتما ويهئ له أنه أراد أن يموت في هذا المكان.

أنسحبت الدموع من عين إبراهام دون علمه.

نظر للكلب نظرة أخيرة ثم مد يديه ليلتقط حقيبته و هو مايزال ناظرا لراكي الميت و الدموع ماتزال منسابة من عينيه، فأمسك الفأس المثبت فى ظهر الحقيبة و عندما مسكه .. إنتفض و إتسعت عيناه.

لقد فهم الآن.

هذا الفأس.

و لماذا حمله معه طيلة الرحلة؟

فهم الحديث الغامض بين راكي و بين العم (سام).

حديث راكي الذي كان يتسم دائما بحكمة شخص مقبل على الموت.

فهم الجملة الذي قالها راكي له ( إن ما سأطلبه منك شئ يسير و عادي و تفعلونه منذ بدء خليقتكم).

حديث الموت الأخير الذي دار بينه و بين راكي.

فهم لماذا لجئ لبني آدم.

فهم الآن لماذا فعل كل هذا.

فهم الآن ماذا كان يريد.

فهم ماذا كان سيطلب منه.

أمسك الفأس بقبضتية بقوة.

ثم بدأ الحفر.


إنتهت القصة
مع تحيات .. معتز حجازي
إنتظروني في القصة القادمة قريبا

الجمعة، 18 أغسطس 2017

فطرة عين 3





أحضر إبراهام بعض الأشياء التي رأها لازمة في شنطة ظهر كبيرة من التي تلائم التخييم و السفر لعدة أيام و ربط فيها لوح التزلج الخاص به (سكيت بورد)، ثم وضعها على ظهره و أرتدى حذاءه ثم ترك غرفته و ذهب لراكي في نفس المكان الذي تركه فيه منذ قليل بعد أن قرر أن يخوض تجربة جديدة و مختلفة .. رحلة مع كلب يتكلم لغته.

سارا سويا جنبا إلى جنب ثم سمع إبراهام صوت راكي يقول:

ــــ مسافة الرحلة حوالي 12 كيلو متر من هنا حتى لوتربرنن المكان الذي نقصده، سوف نتخذ الطريق الذي يمر داخل حدود المدى حتى تظل تسمعني طوال الطريق.

صمت إبراهام لبرهة ثم رد:

ــــ فكرة سديدة، يثيريني الفضول لأعلم ما الخدمة الي تريدها مني.

ــــ الفضول دائما محرك لكم في كثير من المواقف و يجعل الصبر من الشيم التي من الصعب التحلي بها.

ــــ راكي طريقتك في الكلام تجعلني أشعر إنني تلميذ يسير مع أستاذه.

قفز راكي فوق أحد الصخور ثم قال:

ــــ لا تقل ذلك مستر مايكل فنحن هنا لأجلكم و لخدمتكم.

عقد إبراهام حاجبيه قائلا:

ــــ أتقصد الغاية الأصلية من وجودكم كحيوانات في هذا الكون.

ــــ بالضبط مستر مايكل .. نخن وجدنا فقط لنخدم بني جنسكم

ــــ و كيف علمت أنت هذه المعلومة.

نزل راكي من فوق الصخرة مكملا سيرة قائلا:

ـــ نحن لا نعلم شيئا و لكننا نولد بها .. في فطرتنا ، فنحن ليس مثلكم.

نظر راكي لإبراهام و قال:

ـــ نحن مسيرين .. فلا بد أن نولد بالمعلومات التي تمكننا من العيش.

رد إبراهام:

ــــ إذا أنت تولد و أنت تعلم إنك هنا فقط لتخدمنا .. و إن كان هذا شئ يضايقك لماذا لا تفعل شيئا أخر.

ـــ ألم تسمعني مستر مايكل أنا كائن مسير، إختياراتي معروفة و محدودة في نطاق معين يهدف إلي نتيجة واحدة و هي خدمتكم سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشر.

ــــ و هل هذا شئ يسعدكم؟

ــــ السعادة شعور .. رفاهية معدومة لا نطمح إليها و الجميع يعلم ذلك ما عدا قلة قلية تكاد لا تذكر.

ــــ و ما بهم هؤلاء القلة القليلة .

ــــ كانوا مثل الجميع مستسلمين لدورهم و راضيين به و لكن بنظرة سريعة إكتشفوا إنكم جنس لا يستحق الخدمة.

ــــ و من هؤلاء و هل نعرفهم؟

ــــ أنتم سميتموهم .. مسعورين، كل منهم ببعض المراقبة البسيطة لأفعالكم يصل لنتيجة إنكم قوم همج و يتغير عليكم، بعد ذلك تسموهم مسعورين و هم ليسوا كذلك، في حقيقة الأمر إنخدعوا في مظهركم البرئ.

وقف إبراهام ينظر لراكي و قد بدأ ينتابه بعض الخوف .. و قف راكي بدورة ثم قال:

ــــ لا تخف مستر مايكل فأنا فقط أدرك الواقع و لا أتعامل معه .. و لتطمئن أكثر أنا أميل عادة للإناث منكم.

إبتسم إبراهام و بدءا يتحركا سويا مرة ثانية ثم سأل راكي:

ـــ و لماذا تميل للإناث يا راكي؟

ـــ شكلهم أجمل جلدهم أنعم إنفعالاتهم أصدق أنانيتهم أقل .. أو هذا ما إحتككت به في حياتي.

ـــ و هل نحن في العموم قوم أناني لكي تكون الإناث فقط أنانيتهم أقل؟

راكي: مستر مايكل هل لديك شك في ذلك .. الأنثى من بني جنسكم تخلق بإنانية أقل على الفطرة، يكفي إنها مجبرة أن تحمل في بطنها أخرين منكم فهي في هذه النقطة مثلنا مجبرة على الألم و مجبرة أن تحبه .. لذلك هي أقل أنانية .. هل فهمت؟

سأله إبراهام و هو ينظر من حوله للجبال بمنظرها الذي لا يصدق:

ــــ و كيف توصلت بآننا في العموم أنانيين؟

رد عليه راكي:

ــــ و هل تهتمون بشئ غير أنفسكم .. إن بعض منكم لا يهتم بالبعض الاخر منكم، فأنتم أنانين مع أنفسكم فمبالك بمخلوقات أخرى.

نظر إبراهام لراكي مفكرا ثم قال:

ـــ أنت على صواب و يبدو إنك تعلم الكثير فعلا.

سارا في صمت سويا قليل من الوقت و لكن إبراهم قاطع هذها الصمت و قال:

ـــ و هل كما يخفي عليكم كثير من الامور بحكم إنكم مسيرين هل هناك أمور تعلموها لا نعلمها نحن؟

أومأ راكي برأسه و قال:

ـــ بالطبع.

ـــ إذا.. هل نهاية الأض إقتربت؟

ــــ بالتأكيد إقتربت ..لا أعلم متي .. و لكن أفعالكم تعجل بها.

ـــ إذا أنت لا تعلم إذا كانت إقتربت أو لا.

ـــ لا .. لا أعلم.

ـــ و ما الذي تعلموه و لا نعلمه نحن.

نظر راكي لإبراهام و هم يسران سويا و قال:

ــ أمور لن تفهمها حتما كما نحن لا نفهم أموروكم.

توقف الحديث مرة أخرى و لكن هذه المرة الصمت طال، فأخرج إبراهام سماعات الخاصة بالموبايل و أوصله بالموبايل و وضع السمعات في أذنيه ثم بدأ يسمع بعض من الموسيقى المفضلة إليه و هو ينظر للمناظر الأخاذة من حوله ثم بدأ بالإندماج مع الموسيقى و هو يتقافز هنا و هناك .. يقف و يبسط ذراعيه و يغمض عينيه يستنشق هواء بارد نقي، ثم يبدأ بالحركة مرة أخرى مع انغام الموسيقى حتى بدأ يرى أطراف بحيرة ما خلف الجبل فأسرع الخطى و هو يشير لراكي بيديه أن يسرع الخطى هو الأخر، وصل إبراهام لأطراف البحيرة النقية و هي في أحضان الجبل ينظر إليها تارة و يغمض عينيه تارة أخرى ثم أحس ببعض النبضات عند قدميه في الأسفل فخلع السماعات من أذنيه و نظر للأسفل ليستكشف مصدر هذه النبضات فوجد كابوريا (سلطعون).

نعم كابوريا.

واقفة ممسكة في أطراف البنطلون بمخالبها و بلا إرادة منه قال:

ـــ ماذا تفعلين في سروالي.

فرد عليه صوت رفيع للغاية قائلا:

ــــ أنت من إعترضت طريقي .. هيا إبتعد.

تركت الكابوريا سرواله و وقفت تحرك مخالب يدها يمينا و شمالا و تغلقهم و تفتحهم، فنزل إبراهام القرفصاء أمام الكبوريا و قال:

ــــ و لماذا أبتعد انا فلتلفي من حولي و تكملي طريقك.

الكابوريا: تقتحم مكاني و أيضا تملي علي ما أفعله .. متغطرس و أناني كمثل بني جنسك كلهم، أرجوك إبتعد من أمامي.

و نظرا لأنه موقف غير متوقع تماما فرجع إبراههام خطوتان للخلف و أفسح الطريق أمام الكابوريا (السلطعون) لتمر ثم سمع صوت راكي ينادي:

ـــ لا تغضبي يا (سارا) ، فأنه ضيف و لا يعرف ما عليه فعله.

كان قد وصل راكي بجانب إبراهام أمام البحيرة و قال له:

ــــ لا تغضب منها فإنها حامل و تكون السلطعون حادة الطباع في هذه الفترة.

نظر إبراهام نظرة خاوية لراكي غير مصدق ان هذا يحدث بالفعل و يسمع هذا الكلام، ثم نظر للبحيرة و هو صامت و راكي ينظر للبحيرة هو الأخر .. ثم سمع صوت أجش للغاية آتي من خلفة يتكلم ببطء يقول:

ــــ أهذا ضيفك يا راكي؟

ألتفت كل من إبراهام و راكي للصوت، فوجدوا سلحفاة ضخمة للغاية و غريبة الشكل، ذو رقبة طويلة للغاية .. إقتربت السلحفاة منهم ببطئ شديد حتى اقتربت منهم و أصبح و جهها في وجهه إبراهام مباشرة .. فقال له إبراهام:

ـــ أتتكلم أنت أيضا مثلهم؟

سمع صوت السلحفاة الأجش قائلا:

ـــ ألم يخبرك راكي إننا جميعا هنا نتكلم مادمنا في حدود المدى.

ــــ في الحقيقة أنه أخبرني و لكنني لم أستوعب بعد.

وجهت السلحفاة الضخمة وجهها لراكي و قال:

ـــ أمازالت مصرا على ما في رأسك يا راكي؟

رد راكي:

ــ نعم يا عم (سام)، و لقد إنتهينا من الموضوع و تحدثنا فيه مرارا و تكرارا.

أستطرد العم سام قائلا:

ـــ أعلم ذلك يا راكي .. وهل هذا ابن ادم الذي سيساعدك؟

ــــ نعم هو.

قاطعهم إبراهام في حدة قائلا:

ــــ عن ماذا تتحدثان و في ماذا سأساعدك يا راكي لا أفهم.

رد عليه راكي:

ـــ لا تقلق مستر مايكل إن ما سأطلبه منك شئ يسير و عادي و تفعلونه منذ بدء خليقتكم و تأكد إنني لن أحملك أكبر من طاقتك، و لكن لابد أن أطلبه في حينه.

سار راكي مبتعدا عن إبراهام و هذا العم سام لينهي مناقشة لا يريدها و قال:

ـــ حسنا هيا بنا نكمل سيرنا.

فهم إبراهام أن عليه أن يتبع راكي فأشار للعم سام قائلا:

ــــ وداعا يا عم سام.

خيل لإبراهام إن السلحفاة تبتسم له فنظر للكلب و هما يسيران سويا مبتعدين عن البحيرة و قال:

ـــ هل رأيت تلك السلحفاة و هي تبتسم لي .. أم إنني أتوهم؟

رد راكي في هدوء:

ـــ لا أنت لا تتوهم إنه إبتسم لك بالفعل، فالعم سام هو الوحيد بيننا الذي يقدر أن يبتسم مثلكم.

ــــ و كيف يقدر على فعل ذلك؟

ــــ العم سام قارب الأربعمائة عام و عاشر منكم الكثير و يعرف عنكم أكثر، لذلك بحكم سنة يقدر على الإبتسام الطفيف الذي رأيته.

هز إبراهام رأسه متفهما و سارا جنب إلي جنب مبتعدين عن البحيرة متجهين لمنطقة غابة صغيرة كثيفة الأشجار، دخلا سويا لمنطقة الأشجار ثم سأل إبراهام راكي:

ـــ إلي أين نحن ذاهبان؟

رد راكي:

ــــ سنخرج من هذه الغابة الصغيرة على الطريق مباشرة الذي سيوصلنا للوتربرنن، أكثر الأماكن الساحرة التي ستقع عليها عينيك في حياتك كلها .. و لكن هذا الطريق الذي سنصل إليه و سنقطعه، خارج حدود المدي لذى لن يكون لدينا الإمكانية أن نتكلم سويا، فمن هنا سأشرح لك كيف و في أي إتجاه سنسير و حين نصل للوتربرنن سيكون بإمكانك أن تسمعني مجددا.

ــــ حسنا أشرح لي.

ــــ عندما سنخرج على الطريق الان نكون إختصرنا نصفة لنصل للوتربرنن، و ستجد بعض المنازل و الحانات المترامية أمام الجبال لأن هذا الطريق كله بين الجبال الخضراء.

ـــ و هل هناك علامة مميزة عند وصولنا لوتربرنن؟

ــــ بالتأكيد، أما أن تنتظر سماع صوتي أو عندما تجد شلال لوتربرنن الشهير.. و الآن قف هنا إنتظرني للحظة.

وقف إبراهام و سأله قائلا:

ــــ ماذا هناك يا راكي.

تابع إبراهام الكلب بعينيه، وجده إختفى خلف شجرة ضخمة ثم سمع صوت بعض الجلبة المختلطة بأصوات أوراق الشجر المهشمة ثم وجد الكلب راكي يخرج بقدمية الخلفيتين ببطء من خلف الشجرة و كأنه يجر شيئا ما، إلى أن إتضحت الصورة و وجده بالفعل يخرج من خلف الشجرة و هو يجر فأس بفمه.

نعم فأس.

و أخذ يشده بصعوبة شديده حتى وقف راكي أمام إبراهام و قال له:

ـــ هل من الممكن أن تحمل معك هذا الفأس في رحلتنا.


تحيرت عينا إبراهام بين راكي و الفأس و هو مذهول مفكرا، ما قصة هذا الفأس و ما قيمته لكلب مثل راكي .. لقد ازداد ما يمر به غموضا و لا يقدر أن يقرر أن يكمل مع راكي الرحلة أم لا.



انتهى الجزء الثالث
مع تحياتي ... معتز حجازي

الأربعاء، 2 أغسطس 2017

فطرة عين 2





ظل الكلب واقفا، و الشاب يقترب و يقترب حتى وصل أمام الكلب مباشرة نزل على ركبتيه القرفصاء حتى أصبحت عينيه في عيني الكلب، مد يده ببطء ليلتقط حذاءه التقطه، قام من قرفصائه يمسك حذائه و ينظر للكلب ثم سمع صوت أجش يقول :

ــــ أهلا بك في بلادنا.

التفت خلفه مفزوعا و لكنه لم يجد شيئا، رجع ينظر للكلب مرة ثانية ثم سمع نفس الصوت ثانية:

ـــــ لا تفزع .. أنه أنا (راكى). و اتسعت عينا الزائر حتى باتت عينيه تخرج من محجريهما و رجع للخلف في توتر حتى سقط على ظهرة من هول المفأجأة.

أدار الشاب رأسه يمينا و يسارا باحثا عن مصدر الصوت لم يجد شيئا، نظر للكلب الجالس أمامه فوجد الكلب ينبح .. نعم ينبح، قام الشاب من سقطته و أقترب من الكلب بخطوات بطيئة، ثم اقترب أكثر فسمع نفس الصوت ثانية يقول:

ــــ لا ترجع للخلف عندما تسمعني حتى لا تخرج من حدود المدي.

نظر الشاب خلفه مرة ثانية و هو يحاول أن يتماسك و لكن لم يجد شيئا أدار رأسه للكلب ثم سمع:

ــــ نعم .. أنه أنا الكلب الذي يتحدث إليك.

تابع نفس الصوت:

ـــــ عندما ترجع للخلف تخرج من حدود المدى و لن تسمعني، فإذا أردت أن تسمعني فإما أن تتقدم أو تظل مكانك و كن متأكدا أنه أنا الذي يتحدث إليك و ليس أحدا أخر.

نطق الشاب ببطء غير مصدق ما هو فيه:

ـــــ ما أنت.

الكلب مازال على نفس الهيئة و لسانة متدلدلا، ثم الصوت:

ـــــ أنا أسمي راكي، أو كما تسموننا أنا نوع من أنواع الكلاب شديدية الندرة.

جلس الشاب القرفصاء أمام الكلب متمعنا ملامحة ثم قال:

ـــــ كيف أسمع هذا الصوت و ما هو مصدره.

ــــ أنت لا تسمعني بأذنيك و لكننا نتبادل الحديث بعقلينا، فنحن معشر الحيوانات لا نملك أحبال صوتية مرنة كأحبالكم تمكننا من الحديث.

فكر الشاب دون أن يتكلم في أن يدخل الكلب لسانه داخل فمه، ثم بالفعل أدخل الكلب لسانة و أغلق فمة .. ثم فكر الشاب أنه يقول للكلب أن يقف وبالفعل وقف الكلب مكانة على قدمية الخلفية .. تعجب الشاب للغاية رافضا أن يصدق أن يكون هو الكلب من يتكلم بالفعل و العجيب أكثر أنهم يتحدثوا عن طريق عقليهما، قام الشاب من قرفصائه و هو و الكلب ينظران لبعضهما ثم سمعة يقول:

ــــ أنا راكي، ما أسمك يا ابن أدم؟

نطق الشاب ببطئ هادئ:

ـــــ إبراهام .. إبراهام مايكل، صاحب شركة ...

قاطعة صوت الكلب بحدة:

ــــ مستر مايكل أنا طلبت أن أعرف أسمك فقط.

نظر أبراهام للكلب الذي قام من جلسته و بدأ يتحرك يمينا و يسارا ثم قال له:

ــــ ما نوعك يا راكي؟

ــــ قل لي أنت ما نوعك؟

تعجب إبراهام من سؤاله و رد قائلا:

ــــ ماذا تقصد أنا بشر.

ــــ و أنا حيوان، مسألة الأنواع و الفصائل هذه أشياء صنعتموها لأنفسكم و ليس لنا.

قطب إبراهام حاجبية و قال:

ــــ أكلب فيلسوف أنت؟

ــــــ أنا كلب شيخ هرم بي العمر و عاشرت الكثير من بني جنسكم و أعرف عنكم الكثير.

سكت إبراهام برهو و هو يحك رأسه بيديه و هو يفكر:

ـــــ قل لي يا راكي كيف أتحدث أنا و أنت الأن.

ـــــ نحن نقف الأن داخل منطقة المدي نحن نسميها كذلك، كل شئ في هذه المنطقة غير طبيعي، تعتبر منطقة محظورة حتى انه لا يأتي البشر في غرفتك التي أستأجرتها هذه كثيرا لسمعتها المرعبة، فأنت تسمعني الآن و لديك القدرة أن تسمع أي حيوان أو كائن داخل المدى، و للعلم لن تقدر أن تصور أي شئ هنا ستصبح كل الصور مهتزة و غير واضحة.

أخرج إبراهام موبايلة الخاص و صور الجبل من أمامه و لكنه وجد الصورة بالفعل مهتزة و غير واضحة تماما، ثم أكمل صوت الكلب:

ـــــ أنت هنا رجعت للفطرة، لا معنى للآت الخاصة بكم تماما ... في هذه المنطقة أنت آدم الأول ... إذا كنت تريد إجابة لأسئلتك لماذا تسمعني و أسمعك تفهمنى و أفهمك فهذه أسئلة ليس لها إجابة عندي.

سئل إبراهام الكلب و هو ينظر في عينيه :

ــــ من أين تعلمت الأنجليزية يا راكي.

ــــ أنا لا أعلم الإنجليزية و لا غيرها و لكن ما تسمعه مني هي أفكاري و عقلك هو ما يترجمها للغته المفهومة لديه.

ـــــ أتقصد إنني إذا كنت أتحدث أي لغة أخرى سأفهمها مثل الإيطالية أو الألمانية؟

ـــــ بالضبط.

قام إبراهام من أمام الكلب يفكر فيما يحدث ويتحرك جيئا و إيابا ثم إلتفت للكلب و قال:

ــــ حسنا و إن صدقت ما يحدث الآن .. أتريد مني شيئا؟

ـــــ هذا سؤال جيد ينم عن عقل متفتح ... أنا أعلم إن البشر يأتون لهذا المكان للأستجمام و الراحة و الإسترخاء و لكنني أعرض عليك بعض النشاط، سوف أخذك في رحلة في قلب طبيعتنا فتقضي وقتا ممتعا أكثر مما تتخيل و بالطبع تحظى بلإسترخاء الذي كنت تنشده .. ما رأيك ؟

ـــــ أحس إنني أفقد صوابي إنني أدير هذا الحوار معك و لكن هناك سؤال من البديهي أن أسئله في مثل هذه المواقف ... لا أعلم إن كنت تعلم ذلك أم لا.

ـــــ إسئل ما شئت.

ـــــ هذه الرحلة التي تتحدث عنها .. نطير ماذا؟

ـــــ نظير خدمة.

في تعجب كبير قال إبراهام قال:

ــــ خدمة؟!!!!! ... لك؟

ـــــ نعم أكيد

ـــــ ما هو نوع الخدمة التي من الممكن أن تطلبها من بشري مثلي، أن أحضر لك بعض العظام مثلا؟

ــــ لا ليس عظام، أنا أعلم جيدا أن الخدمة التي أريدها منك إنك قادر على تنفيذها جيدا أنت أو أي بشري آخر.

ــــ و ما هي هذه الخدمة؟

ـــــ في الحقيقة أنا أفضل أن أقولها في الوقت المناسب و ليس الآن.

و قف إبراهام ينظر للكلب مصدوما، لا يعلم ماذا يفعل حيال هذا الموقف الغريب و لكن راكي قاطع أفكاره قائلا:

ــــ لا تشك للحظة إنني أخدعك في أي شئ.

رد إبراهام:

ــــ لماذا لا أشك؟

ـــــ أنا كلب مستر إبراهام هذه الأشياء لم تخلق لأمثالنا فأنا لا أعرف أشياكم من كذب و خداع و خيانة.

فكر إبراهام أن كلام الكلب صحيح بالفعل و لكن قلبه مازال ليس مطمئنا فقال:

ــــ و ما الذي يجبرني على موافقتك في الذهاب معك.

ــــ مستر مايكل أنت تتعامل معي بمنطقكم البشري، و أنا لا أجبرك على شئ .. أنت أتيت إلى تلك البلاد لترى الجمال و أنا أقول لك تعال معي لأريك الجمال الحق لإنك من غرفتك هذه لن تري شيئا يستحق الذكر، فأنت لن تعرف مكانا أكثر من قاطنيه و إذا وافقت و أتيت معي سأطلب منك خدمة تسديها لي في الوقت المناسب .. هذا كل ما هنالك، فكر مليا و أنا سأنتظرك هنا و إذا اردت، جهز ما تحتاجه و تعال لنبدا رحلتنا القصيرة.

و قف إبراهام ينظر لراكي يفكر هل يستسلم لهذا الجنون و يسير في أمانه هذا الكلب أم يتجاهل ما يحدث أمامه من غرائب.


إنتهى الجزء الثاني و يليه الجزء الثالث

مع تحيات .. معتز حجازي











السبت، 8 يوليو 2017

فطرة عين 1


مدينة أنترلاكن السويسرية تقع بين بحيرة برينز في الشرق و بحيرة ثون من الغرب ترتفع عن سطح البحر ما يقارب النصف كيلو متر، ذات طبيعة خلابة أخاذة للأنظار ، جبال خضراء، سماء زرقاء، هواء لا يحمل غير النقاء و صوت الطبيعة من حولك يسرسب داخل وجدانك الصفاء كما هي السماء.. مدينة سياحية للغاية، فنادق منتشرة في أرجاء المدينة و منها الأكواخ المنفصلة المنفردة المتناثرة من مكان لآخر لتوفر لقاطنيها الاسترخاء و الهدوء.

توقفت سيارة ذات دفع رباعي على طريق ترابي ممهد بين الأشجار على صخور التلال و الهضاب أمام أحد الأكواخ المفندقة المجهزة، فهذه الأكواخ تكون ذات شكل بدائي من الخارج و تكون من الداخل مجهزة بأحدث التقنيات الفندقية التي توفر ما لا يوجد في مكان آخر و خصوصا عندما يكون المقيم شخصية مهمة كالتي مستأجرة هذه الغرفة.

نزل السائق من السيارة مرتديا - يونيفورم – الفندق، يفتح الباب الخلفي للزائر ثم يذهب لينزل حقائبه من السيارة .. نزل الزائر- المهم - مرتديا تي شيرت يبضاء و عليها قميص بني مفتوح و بنطلون جينس مع بوت بني اللون، شخص يميل للنحافة طويل غير مهتم بتهذيب شعرة الناعم يرتدي ساعة رياضية من نوعية جي شوك الرياضية ..أخذ ينظر حولة يستنشق الهواء بقوة من أنفه مغمضا عينيه ويخرج الزفير بقوة من فمه و كأنه يريد أن يملأ رئتيه بهذا الهواء الذي لن يجد مثله ثانية.

أحضر السائق الحقائب من السيارة و فتح باب الكوخ بالمفتاح – كنوع من الرجوع للبدائية – و أدخل الحقائب، ثم ودع الزائر و خرج و ركب سيارته و انطلق بها.

وقف هذا الشاب في و سط الكوخ أو الغرفة يتفحصها بعينيه، فتح أحد الحقائب أخرج التاب الخاص به و اوصله بواي فاي الغرفة و جلس يتفحص بعض الإيملات و يرد على بعضها، ثم بعد دقائق معدوده تذكر أنه أتى هنا ليبتعد عن عمله و حياته العملية فهو لم يأخذ أجازة طويلة من أربع سنين ، فصل الواي فاي و أغلق التاب ثم أخرج بعض الكتب التي أحضرها معه و أخرج ملابسه ليضعها في مكانها المخصص .. فتح باب الشرفة وجد أمامه منطر كان دائما يحلم أن يراه ، وجد أمامه الجبال كما طلب تماما و ليس البحيرات فهو طلب أن يكون الكوخ مطلا على الجبال و ليس البحيرات فالجبال الخضراء الا متناهية أفضل بالنسبة إليه .. غير ملابسه ثم اخرج كرسي ليضعه في الشرفه و يشغل موسيقى من التاب الذي أوصله بسماعات منتشرة في ارجاء الكوخ و أحضر احد الكتب و أخذ في القراءة بنهم افتقده منذ فترة طويلة.

أخذ يأكل الكتب بعينيه و كأنها  كانت جوعى إلى ان امتلأت فأصابتها التخمة فتثاقلت جفونه حتى نام دون قصد منه ، لا يعلم كم من الوقت ظل نائما و لكنه فتح عينيه مستيقظا وجد الشمس ترحل فأحضر موبايله مسرعا من الغرفة ليتقط سيلفي مع خلفية الجبال الخضراء و بواقي أشعة الشمس البرتقالية فألتقط صورتان متتاليتان ثم تفحصهم فوجد الخلفية كأنها مهتزة في الصورتان، التقط صورتان أخريتان و تفحصهم وجد نفس العيب .. تعجب للغاية فهو يحمل أحدث تقنية في الموبايلات ذات الكاميرات الأمامية و من تعجبه نظر للجبال من خلفه و كأنه سيعرف سبب اهتزاز الصورة بعينيه المجرده و لكنه لم يجد شيئا طبعا، أخذ صورة أخرى و تفخصها وجد نفس المشكلة .. قلب شفتيه ثم ارجع المشكلة للموبايل حتما خصوصا انه ابتاعه قبل أن يسافر من أمريكا مباشرة ليتمتع بكاميرا ذات مواصافات خاصة ولكن لعل الموبايل مصاب بعطب ما.

حل الليل .. أوقد الشموع في جميع أرجاء الكوخ ( الكوخ يتمتع بمصابيح كهربائية) و لكنه فضل التعامل ببدائية لينفصل عن واقع مل منه ..  قام بتحضير العشاء و جلس يتناوله على أضواء الشموع المهتزة و بعض من تسلسل نور القمر المريح كل هذا في وسط موسيقى هادئة، بعد العشاء فضل أن ينام في الشرفة وسط هذه الأجواء الخضراء.

طرقت رنات المنبه اذنيه، فتح عينيه في كسل، لم يشعر بهذه الراحة من قبل، جلس مكانه ثم نظر لأعلى وجد الشمس قاربت على الوصول من رحلتها، قام من مكانه يرتدي نفس ملابسه و أحضر موبايله، قرر أن يذهب لأعلى التل ليأخذ صور مع شروق الشمس و لكن في الجهة المقابلة للجبال لتكون البحيرة من خلفة .. انطلق مسرعا على الزرع الاخضر يجري من هنا و يقفز من هناك حتى صعد هذا التل الصغير ثم اعطى البحيرة ظهرة وقام بالتقاط صورتان سيلفي مع قرص الشمس و البحيرة، تفحص الصورتان و جدهما في قمة النقاء و الوضوخ بدون أي اهتزازات انعفد حاجباه للغاية و رفع بصرة ينظر للجبال في استغراب واضح.

رجع كوخه و انهى فطور سريع مع كوب كابتشينو ساخن و جلس يقرأ في الشرفة مجددا ثم بعد فترة، خطر له أن يخرج شواية الفحم الملحقة بالغرفة و يشوي بعض من الدجاج خارج الكوخ امام منظر الجبال الممتع حتى و أن كان الوقت غير مناسب، و أيضا ليس لغرض الأكل و لكن لمتعة الشوي نفسه و يسترجع ايام قد خلت .. لم ينتظر كثيرا أحضر الشواية و كرسيا و اخرجهم خارج الكوخ أمام الشرفة و خلع حذاءه و بدء أن يوقد الفحم .
و في أثناء ما و هو يوقد الفحم، نظر للجبال الذي يجلس امامها نظرة طويلة و أخرج الموبايل من جيبة و التقط صورة للجبال من الكامبرا الخلفية ثم تفحص الصورة وجدها مهتزة في نفس المناطق التي كانت تقريبا مهتزه في الصورة السليفي التي التقطها ليلة البارحة، و كان هذا شئ يصعب أن يعقله أو أن يقنع نفسه به أن الكاميرا الخلفية من الممكن ان تكون مصابة بعطل ما خصوصا انه تأكد أن الكاميرا الامامية سليمة عندما التقط سيلفي مع شروق الشمس صباحا ..  ما هذا؟

وضع الموبايل في جيبه، متجاهلا الأفكار التي اخذت تتقافز لذهنة و أقنع نفسه بتفاهتها، صعد السلم الذي يربط الخارج بالشرفة و دخل الغرفة ليأتي ببعض الأطباق للشوي و بينما هو يحضر بعض الأطباق سمع بعض الجلبة في الخارج، اقتحم الخوف نفسه فترك الاطباق مكانها و تسلل ببطء للخارج لينظر ما هو مصدر الصوت، وصل للشرفة و نظر للخارج و لكنه وجد كل شئ كما هو تفحص المكان ثانية بعينيه و دخل مرة ثانية ليحضر الأطباق ثم .. سمع صوت الجلبة مرة ثانية فأسرع للشرفة ثانية، وصل للشرفة وجد كلب قد أسقط الكرسي - الذي كان أخرجه ليجلس عليه اثناء الشوي - و قبض الكلب على حذائه بأسنانه و وقف ينظر له ، نظر الشاب له في ذهول متفاجئ، ثم تقدم ببطئ لينزل من الشرفة، نزل من الشرفة و يقترب من الكلب في بطء ليقترب منه فالكلب جميل تختلط الوانه الثلاثة (الاسود و البني و الأبيض) ببعض ليصنع تحفة ربانية تستحق الأقتراب منها و يتأملها .. و لكن بمجرد أقترابه منه جري الكلب و مازال الحذاء في فمه فأنتقل الشاب من المشى البطيء للجري خلف الكلب، ركض وراءه ثم بعد فترة من الركض انهك من التعب فتوقف ليلتقط أنفاسه، نظر يبحث عن الكلب و هل ابتعد أم لا، فوجد الكلب توقف بعيدا ينظر إليه و كأنه ينتظره، تعجب الشاب قليلا و لكنه أكمل ركض خلف الكلب، و عادت الكرة أكثر من مرة كلما بلغة التعب و وقف يلتقط أنفاسه وقف الكلب ينتظره ... ابتعد كثيرا الشاب عن كوخة عندما نظر للخلف و اكتشف ذلك و اصبح مترددا أن يكمل ركض خلف الكلب أم لا، نظر أمامه وجد الكلب واقفا تاركا الحذاء أرضا، فسار الشاب ناحيته و هو منهك القوى من الجري .. اخذ يقترب من الكلب و لكن الكلب لم يهرب ظل واقفا، و الشاب يقترب و يقترب حتى وصل أمام الكلب مباشرة نزل على ركبتيه القرفصاءحتى أصبحت عينيه في عيني الكلب، مد يده ببطء ليلتقط حذاءه أحس ببعض التنميل في ذراعه و هو يمسك الحذاء، التقطه، قام من قرفصائه يمسك حذائه و ينظر للكلب ثم سمع صوت أجش يقول :

ــــ أهلا بك في بلادنا.

التفت خلفه مفزوعا و لكنه لم يجد شيئا، رجع ينظر للكلب مرة ثانية ثم سمع نفس الصوت ثانية:

ـــــ لا تفزع .. أنه أنا (راكى).

و اتسعت عينا الشاب حتى باتت عينيه تخرج من محجريهما و رجع للخلف في توتر حتى سقط على ظهرة من هول المفأجأة.


يتبع بالجزء الثاني


مع تحيات .. معتز حجازي

الاثنين، 5 يونيو 2017

الغرفة .. الأخيرة

سمع كوستا و شريف صوت مفتاح و ضع في باب الغرفة من الخارج ليفتح الباب .. فتح الباب، دخل عليهم شخص ممشوق القوام مهندم الملابس مرتديا نظارة للشمس، ذو جسم رياضي، مرتديا بنطلون أسود و قميص أبيض يغطيه سترة واقية للصدر و مسدس ضخم معلق في خصرة .. قام كل من شريف و كوستا من مكانهم ينظرون لهذا القادم يقتربان من بعضهما ليحمي كل منهما الآخر من خطر مجهول.

دخل هذاالقادم وقف أمامهم في ثقة و إعتياد ينظر إليهم و ينظرون له إلى أن امتعض كوستا غير مصدقا و قال بصوت عالي:

ــــ طـــــــــــــــــاااارق

ضرب كوستا رأسه بكفيه بقوة و هو يلتفت حوله غير مصدق لما أصاب أفكاره من صرع، أخذ ينظر لشريف و لطارق في حيرة، نظر طارق لشريف و قال:
ــــ أنت مقلتلوش و لا أيه؟

رد شريف واضعا يده على خده قائلا:
ــــ انا قولتله بس مش عارف ماله متفاجئ كده.

صرخ كوستا في وجه شريف و هو يلوح بذراعه:
ـــ قولتلي أيه ب (سباب) ... أنت بقالك نص ساعة عمال بتهري و مجبليش سيرة طارق ؟؟!!!

ــــ ما أنا قولتلك خطفوني و إن حاجة بحجم المشروع ده لازم يكونوا متابعين كل حاجه.

رجع كوستا للخلف في توتر شديد و هو يلوح بذراعه في وجه شريف و طارق:
ــــ أنت بتقول أي كلام يا شريف، ده مش رد على كلامي .. أنا مبقتش فاهم حاجه .. يعني مين اللي خاطفنا دلوقتي ام الشركة اللي أنت كنت شغال معها و لا طارق ال (سباب).

أخرج طارق مسدسه بعصبية قائلا:
ـــ أحـــــــمد أهدى على نفسك، أنت مش بتكلم صاحبك اللي كان بيلعب معاك ستيمشن على الفهوة.

قاطعه كوستا بصوت عالي:
ــــ أنت اللي متعش و تفتكر نفسك ظابط بجد ده أنا أبويا اللي جيبلك الواسطة اللي دخلتك الجيش و لا نسيت.

أخفت نظارة شمس طارق إحمرار عينيه، فهو منذ مدة لم يعامله أحد بهذه الطريقة الوقحة، فقال:
ــــ لا مش ناسي، أهدى بس عشان نعرف نتكلم.

ــــ مش ها هدى، و أنت يلا يا شريف مالك هادي كده، و انت عارف أن طارق اللي خاطفك.

شريف: مفيش حاجة أعملها، بس مش مضايق، عامة طارق أكيد مش هياذينا.

رفع طارق مسدسه في وجه شريف و قال:
ـــ لأ متفرحش أوي كده يا شريف ، انا هعمل شغلي بغض النظر عن أي حاجة.

نظر شريف لطارق بتمعن و قال في هدوء مستفز:
ــــ انت لسه مضايق من ساعت ما علمت عليك و خدت منك منيرة و بسنت أيام الجامعة؟

إبتسم طارق و صمت قليلا ثم قال:
ــــ بطل هبل ، انا بشوف شغلي و بنفذ الأوامر.

رد شريف:
ـــ أيه هي الأوامر يا طارق؟؟؟؟

أنزل طارق مسدسه و عينيه لأسفل و قال:
ــــ أتحفظ عليك لغاية أي أوامر جديدة و لو قاومت هقتلك عادي.

أشار كوستا لطارق أن يتوقف عن الكلام قائلا:
ــــ تقتل مين ياد يا أهبل .. أنا عايز أفهم أيه علاقتي بالموضوع؟؟؟

ــــ أنت اللي دخلت مناخيرك في الموضوع و كان لازم نلمك قبل ما تسيح.

وجه كوستا كلامه لشريف سائلا:
ـــ أنت مش قلتلي إنك كشفت الألمان، مصر خطفاك ليه؟؟؟

صعد شريف على الأريكة ينظر من النافذة قائلا:

ــــ أسأل طارق.

نظر كوستا لطارق في صمت منتظر أن يرد، فتكلم طارق بصوت تشوبه العصبية:
ــــ متبصليش، شريف هو اللي غبي و كان سايبها و مسافر و مش عايز يعرف عنها حاجة فجأة ضميرة صحي.

التفت شريف لطارق في حدة:
ــــ أنا ضميري مكنش مات يا عم الظابط، انا سبت البلد دي عشان ضميري صاحي.

تجاهل طارق كلام شريف موجها كلامه لكوستا:
ـــ و أنت كمان غبي يا كوستا، مسمعتش كلامي لما كلمتني ليه و تجاهلت كل حاجة و خليتك في نفسك.

كوستا:
ــــ بعني احنا الاتنين اغبيا هو عشان شاف حاجة غلط و مسكتش و أنا غبي عشان مسمعتش كلامك و نقضت لصاحبي .. لأ هو الحقيقة مش أحنا اللي اغبيا انما أنت اللي جبان و ندل، لأنك خايف تقول لأ في تحفظك علينا من غير ذنب و كنت عايزيني أبقى ندل زيك لما شكيت إن صاحبي في موقف محتاجني فيه.

طارق في أستهتار:
ــــ و هتعمله أيه اسم الله.

أستفز كوستا من طريقة طارق فرد:
ــــ صح مش هعرف أعمله حاجه أكيد، أذا كان انت و انت ظابط مش عارف تعمله حاجة انا هعملة؟.

قاطعهم شريف:
ــــ سيبكم منن الهبل ده و شغل العيال الصغيرة ده ، طارق .. هيحصل أيه دلوقتي؟

صرخ كوستا في شريف:
ــــ يا بني أنت ازاي مستسلم كده.

وقف شريف أمام كل من شريف و طارق و هو يعدل نظارته الطية قائلا:
ــــ أقول أيه يا كوستا و لا أعمل أيه .. لما نوصل لمرحلة إني أعرف حاجة هتضر البلد في مقتل شعبا و بيئة و آجي بنفسي و أسيب كل حاجة ورايا عشان أعرف أي حد محترم أبلغة، و بعد كده الآقي إن البلد اللي هتضر دي مش عيزاني أتكلم و كمان على إيد أعز أصدقائي، ده انا أقل حاجة ممكن أعملها .. إني أنتحر مش استسلم بس.

طارق:
ـــ كنت هتقابل مين ياشريف.

ــــ اللواء سلامة المنياوي من الرياسة.

كوستا:
ــــ شريف متقولش كل حاجة ممكن يكون بيستدرجك عشان يعرف منك حاجات يستغلها ضدك.

رفع طارق مسدسه في وجه كوستا:
ــــ انت ليه عايز تدمر كل صداقتنا دلوقتي .. افهم يا غبي، متعاملنيش بنفس طريقة زمان و تفضل تستفزني.. مش هضحك.

نظر كوستا لطارق و قال في لهجة أستفزازية:
ــــ أنا اسف يا طارق بس أنا مش قادر أنسى إنك كنت بتيجي تشحت مني الأفلام السكس.

أقترب طارق في سرعة من كوستا و أمسكه من ياقة القميص واضعا فوهة المسدس في جبهته و صرخ:
ــــ أحمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد.

نظر كوستا في عيني طارق طويلا و قال في همس:
ــــ أنت عارف أنت متحفظ علينا ليه ؟ .. عشان أنت مبتفكرش، أنت اللي طول عمرك غبي.

تبادل طارق النظر في عيني كوستا قائلا:
ــــ  أقسم بالله أنا ممكن أقتلك عادي و لا حد هيعرف عنك حاجة.

ــــ انت عايز تقتلني عشان تنسى الماضي اللي بيفكرك بأصلك، شكلك بقيت واصل  فوق و عايز تنسى اللي تحت.

تدخل شريف بينهما ليفصل أشتباكهما قائلا:
ــــ انتو لسه عيال صغيرة زي ما أنتو .. سيبة يا طارق.

فصل قبضة طارق عن ياقة كوستا ثم قال لطارق:
ــــ انت مقتنع إني عملت حاجة يا طارق.

رد طارق:
ــــ مش مهم أقتنع، أنا بنفذ الأوامر، عشان ده شغلي.

ــــ يا بني أفهم أنا جي ابلغ سيادة الريس إن المحطة الكهربائية اللي هتتنفذ في بحيرة ناصر هتضر البلد مش هتفدها، و أنا جالي حد من الرياسة فا ده معناة إن الريس على علم بالشغل بتاعي.

تحرك طارق يمينا و يسارا مفكرا ثم قال:
ـــ انت عارف التحريات بتعاتنا وصلت لأيه فبل ما يجيلك سيادة العميد سلامة المنياوي؟ .. إنك بتكره البلد جدا و إنك مشنع في كل حتة إنك مش راجعلها و من الأخر لو شفت ليها أي ضرر مش هتتكلم.

إتسعت عينا شريف في إندهاش قائلا:
ــــ ده حقيقي فغلا، انا مكنتش بخبي حاجة زي كده انا طلعت من البلد دي هربان تقريبا .. بس مدام التحريات بتعاتكوا وصلت للمعلومات دي، الرياسه كانت عايزاني اشتغل على المشروع ده ليه؟

أقترب طارق من من شريف للغاية ثم أنتزع نظارته الشمسية و قال في هدوء:
ــــ عشان لازم يكون في مستشار معروف معتمد بيشرف على المشروع.

أدار شريف ظهرة لطارق و على وجهه علامات التفكيرقائلا محدثا نفسه:
ــــ لازم حد يشرف على المشروع بس نضمن انه لما يكتشف أي حاجة غلط ميتكلمش عشان هو بيكره البلد؟ صح؟

قالها و هو ينظر لطارق ليقرأ ردة فعله و لكنه لم بستشف شيئا.
قاطع كوستا أفكارهم فائلا:
ــــ يا بلد وسخة ... ليكي ربنا.

سأل شريف:
ــــ مين اللي رشحني أشتغل على المشروع يا طارق؟

رفع كوستا و شريف عينهما في وجهه طارق منتظرين إجابتهم و لكنه لم ينبس ببنت شفة، و لكن اصبحت الإجابة واضحة دون كلام .. و بدون إتفاق مسبق تحرك كل من كوستا و طارق لمهاحمته دون وعي، رفع طارق المسدس في سرعة مصوبا ناحيتهم قائلا:
ــــ أفهموا أنا كل ده و أنا مش عايز أدخل حد من برة الدنيا مرشقة ضباط و عساكر ، وبعدين يا شريف انا كنت عايز أظبطك أنت تلاقيك أخدت فلوس مخدتهاش طول حياتك .. انا رشحتك لأني عارفك بتحب الفلوس و بتكره البلد و التحريات اثبتت كلامي فالأختيار وقع عليك.

كوستا في عصبية:
ــــ أنا ندمان إني عرفتك في يوم من الأيام.

ــــ أنت بس مشوفتنيش قبل كده و أنا بشتغل يا كوستا.

رفع شريف ذراعيه في وجهه طارق ليهدأ الموقف بعد أن توتر الموقف تماما خصوصا ان طارق مازال مصوبا مسدسه ناحيتهم و قال:
ـــ طارق أيه المطلوب مني بالظبط.

طارق:
ــــ تقول إن المشروع ده مفهوش أي مشكلة تماما.

ــــ لأ مينفعش ياطارق .. إزاي عايزني أعمل كده ، يا بني مش أنت ظابط و لا أنت مقتنع بالغلط اللي بتعمله لدرجة إنك حتى مش عايز تسيب الصح يظهر لوحده.

تدخل كوستا :
ــــ أنت بتكلم حيطة.

شريف:
ــــ طارق أنت أكيد مش هتضرني لو معملتش اللي بتقولي عليه.

سكت ثانية ثم قال في هدوء:
ــــ أنا مش عايز أضر أي حد يا شريف

ظل ينظر طارق لكليهما في صمت رافعا المسدس .. و تذكر، تذكر أيام ما كوستا كان يضحك و يهتز جسده بالكامل عند فوزه في بولة الأستيمشن، فيعزمه طارق على ساعة بلاي ستيشن ليسترد حقة لأنه يعلم انه أمهر منه في البلاي ستيشن ويضحك طارق بعد فوزه بصوت عالي ثم يضربه على ظهره قائلا (عامل أيه يا كوشتا)  .. و شريف الذي ما كان يشتكي صعوبة الدراسة في الهندسة و لكنه لا يتنازل عن المراكز الخمسة الأولى على دفعته في كل سنة و كان هذا دائما مدعاة للضحك عليه من شكواة المستمرة من الدراسة.

أنزل طارق مسدسه بجانبة و سأل شريف:
ــــ أنت خسيت ليه كده يا شريف أنت طول عمرك طخين.

ذهل شريف من السؤال المفاجئ الغير مناسب للموقف و رد:
ــــ أنت عارف أنا بطخن في الإمتحانات بس و أنا بطلت مذاكرة من زمان.

أدار طارق ظهره لكليهما و فتح باب الغرفة في هدوء و خرج منها، تاركا كوستا و شريف غارقين في حيرة بالغه خصوصا بعد موقفه الأخير و سؤاله الأغرب .. شعر كليهما بالتعب فجلس كليهما على الأريكة في صمت دون كلام .. ظل الوضع هكذا قرابة الساعة ثم فتح باب الغرفة مرة أخرى و دخل طارق في هدوء و إقترب من شريف و أخرج الكلبشات و وضعهما في يد شريف فقال كوستا في إنفعال:
ــــ هتعمل أيه ياطارق.

رد طارق في حزم:
ــــ هعمل شغلي، اسكت بقى.

حدق كوستا في وجهه شريف، ثم قال طارق بصوت عالي:
ــــ ســــاامي.

دخل شخص يرتدي مثل طارق، ضرب قدميه بتحية عسكرية قوية فقال له طارق:
ــــ خليك مع أحمد هتركبه عربيتي و توصله لحد بيته.

سامي: تمام يا فندم.

نظر طارق لكوستا و قال:
ــــ متتكلمش في أي حاجة من اللي حصلت بينا إنهاردة .. فاهم.

ــــ هتودي شريف فين.

ــــ ملكش دعوة ، خليك في نفسك.

خرج أربعتهم من الغرفة طارق ممسكا شريف و سامي ممسكا كوستا، نظر كوستا للغرفة و جدها غرفة وحيدة وسط مساحة شاسعة من المزارع حولهم و ليس حولهم أي مكان مأهول بسكان  إتجه سامي و كوستا لأحدى السيارات و طارق و شريف يتجهان لسيارة أخرى فصرخ كوستا فجأة من مكانه:
ــــ   هتودي شريف فين يا طارق.

صرخ شريف هو الآخر و يداه مربوطة بكلبش:

ــــ متخفش يا كوستا ، طارق صاحبي من زمان و ياما قسم معايا الأكل.

ثم نظر كل من طارق و شريف لبعض ... ركبا السيارة و إنطلقت بهم.




تمت بحمد الله

المعسكر 6 .. الأخيرة

قرب نهاية الليل و قبل بزوغ الشمس بحوالي ساعتين و أكثر .. وقفت الفصيلة على شكل طوابير منتظمة الشكل في أبعد أركان باحة مركز التدريب، متكوم ...