الأربعاء، 2 أغسطس 2017

فطرة عين 2





ظل الكلب واقفا، و الشاب يقترب و يقترب حتى وصل أمام الكلب مباشرة نزل على ركبتيه القرفصاء حتى أصبحت عينيه في عيني الكلب، مد يده ببطء ليلتقط حذاءه التقطه، قام من قرفصائه يمسك حذائه و ينظر للكلب ثم سمع صوت أجش يقول :

ــــ أهلا بك في بلادنا.

التفت خلفه مفزوعا و لكنه لم يجد شيئا، رجع ينظر للكلب مرة ثانية ثم سمع نفس الصوت ثانية:

ـــــ لا تفزع .. أنه أنا (راكى). و اتسعت عينا الزائر حتى باتت عينيه تخرج من محجريهما و رجع للخلف في توتر حتى سقط على ظهرة من هول المفأجأة.

أدار الشاب رأسه يمينا و يسارا باحثا عن مصدر الصوت لم يجد شيئا، نظر للكلب الجالس أمامه فوجد الكلب ينبح .. نعم ينبح، قام الشاب من سقطته و أقترب من الكلب بخطوات بطيئة، ثم اقترب أكثر فسمع نفس الصوت ثانية يقول:

ــــ لا ترجع للخلف عندما تسمعني حتى لا تخرج من حدود المدي.

نظر الشاب خلفه مرة ثانية و هو يحاول أن يتماسك و لكن لم يجد شيئا أدار رأسه للكلب ثم سمع:

ــــ نعم .. أنه أنا الكلب الذي يتحدث إليك.

تابع نفس الصوت:

ـــــ عندما ترجع للخلف تخرج من حدود المدى و لن تسمعني، فإذا أردت أن تسمعني فإما أن تتقدم أو تظل مكانك و كن متأكدا أنه أنا الذي يتحدث إليك و ليس أحدا أخر.

نطق الشاب ببطء غير مصدق ما هو فيه:

ـــــ ما أنت.

الكلب مازال على نفس الهيئة و لسانة متدلدلا، ثم الصوت:

ـــــ أنا أسمي راكي، أو كما تسموننا أنا نوع من أنواع الكلاب شديدية الندرة.

جلس الشاب القرفصاء أمام الكلب متمعنا ملامحة ثم قال:

ـــــ كيف أسمع هذا الصوت و ما هو مصدره.

ــــ أنت لا تسمعني بأذنيك و لكننا نتبادل الحديث بعقلينا، فنحن معشر الحيوانات لا نملك أحبال صوتية مرنة كأحبالكم تمكننا من الحديث.

فكر الشاب دون أن يتكلم في أن يدخل الكلب لسانه داخل فمه، ثم بالفعل أدخل الكلب لسانة و أغلق فمة .. ثم فكر الشاب أنه يقول للكلب أن يقف وبالفعل وقف الكلب مكانة على قدمية الخلفية .. تعجب الشاب للغاية رافضا أن يصدق أن يكون هو الكلب من يتكلم بالفعل و العجيب أكثر أنهم يتحدثوا عن طريق عقليهما، قام الشاب من قرفصائه و هو و الكلب ينظران لبعضهما ثم سمعة يقول:

ــــ أنا راكي، ما أسمك يا ابن أدم؟

نطق الشاب ببطئ هادئ:

ـــــ إبراهام .. إبراهام مايكل، صاحب شركة ...

قاطعة صوت الكلب بحدة:

ــــ مستر مايكل أنا طلبت أن أعرف أسمك فقط.

نظر أبراهام للكلب الذي قام من جلسته و بدأ يتحرك يمينا و يسارا ثم قال له:

ــــ ما نوعك يا راكي؟

ــــ قل لي أنت ما نوعك؟

تعجب إبراهام من سؤاله و رد قائلا:

ــــ ماذا تقصد أنا بشر.

ــــ و أنا حيوان، مسألة الأنواع و الفصائل هذه أشياء صنعتموها لأنفسكم و ليس لنا.

قطب إبراهام حاجبية و قال:

ــــ أكلب فيلسوف أنت؟

ــــــ أنا كلب شيخ هرم بي العمر و عاشرت الكثير من بني جنسكم و أعرف عنكم الكثير.

سكت إبراهام برهو و هو يحك رأسه بيديه و هو يفكر:

ـــــ قل لي يا راكي كيف أتحدث أنا و أنت الأن.

ـــــ نحن نقف الأن داخل منطقة المدي نحن نسميها كذلك، كل شئ في هذه المنطقة غير طبيعي، تعتبر منطقة محظورة حتى انه لا يأتي البشر في غرفتك التي أستأجرتها هذه كثيرا لسمعتها المرعبة، فأنت تسمعني الآن و لديك القدرة أن تسمع أي حيوان أو كائن داخل المدى، و للعلم لن تقدر أن تصور أي شئ هنا ستصبح كل الصور مهتزة و غير واضحة.

أخرج إبراهام موبايلة الخاص و صور الجبل من أمامه و لكنه وجد الصورة بالفعل مهتزة و غير واضحة تماما، ثم أكمل صوت الكلب:

ـــــ أنت هنا رجعت للفطرة، لا معنى للآت الخاصة بكم تماما ... في هذه المنطقة أنت آدم الأول ... إذا كنت تريد إجابة لأسئلتك لماذا تسمعني و أسمعك تفهمنى و أفهمك فهذه أسئلة ليس لها إجابة عندي.

سئل إبراهام الكلب و هو ينظر في عينيه :

ــــ من أين تعلمت الأنجليزية يا راكي.

ــــ أنا لا أعلم الإنجليزية و لا غيرها و لكن ما تسمعه مني هي أفكاري و عقلك هو ما يترجمها للغته المفهومة لديه.

ـــــ أتقصد إنني إذا كنت أتحدث أي لغة أخرى سأفهمها مثل الإيطالية أو الألمانية؟

ـــــ بالضبط.

قام إبراهام من أمام الكلب يفكر فيما يحدث ويتحرك جيئا و إيابا ثم إلتفت للكلب و قال:

ــــ حسنا و إن صدقت ما يحدث الآن .. أتريد مني شيئا؟

ـــــ هذا سؤال جيد ينم عن عقل متفتح ... أنا أعلم إن البشر يأتون لهذا المكان للأستجمام و الراحة و الإسترخاء و لكنني أعرض عليك بعض النشاط، سوف أخذك في رحلة في قلب طبيعتنا فتقضي وقتا ممتعا أكثر مما تتخيل و بالطبع تحظى بلإسترخاء الذي كنت تنشده .. ما رأيك ؟

ـــــ أحس إنني أفقد صوابي إنني أدير هذا الحوار معك و لكن هناك سؤال من البديهي أن أسئله في مثل هذه المواقف ... لا أعلم إن كنت تعلم ذلك أم لا.

ـــــ إسئل ما شئت.

ـــــ هذه الرحلة التي تتحدث عنها .. نطير ماذا؟

ـــــ نظير خدمة.

في تعجب كبير قال إبراهام قال:

ــــ خدمة؟!!!!! ... لك؟

ـــــ نعم أكيد

ـــــ ما هو نوع الخدمة التي من الممكن أن تطلبها من بشري مثلي، أن أحضر لك بعض العظام مثلا؟

ــــ لا ليس عظام، أنا أعلم جيدا أن الخدمة التي أريدها منك إنك قادر على تنفيذها جيدا أنت أو أي بشري آخر.

ــــ و ما هي هذه الخدمة؟

ـــــ في الحقيقة أنا أفضل أن أقولها في الوقت المناسب و ليس الآن.

و قف إبراهام ينظر للكلب مصدوما، لا يعلم ماذا يفعل حيال هذا الموقف الغريب و لكن راكي قاطع أفكاره قائلا:

ــــ لا تشك للحظة إنني أخدعك في أي شئ.

رد إبراهام:

ــــ لماذا لا أشك؟

ـــــ أنا كلب مستر إبراهام هذه الأشياء لم تخلق لأمثالنا فأنا لا أعرف أشياكم من كذب و خداع و خيانة.

فكر إبراهام أن كلام الكلب صحيح بالفعل و لكن قلبه مازال ليس مطمئنا فقال:

ــــ و ما الذي يجبرني على موافقتك في الذهاب معك.

ــــ مستر مايكل أنت تتعامل معي بمنطقكم البشري، و أنا لا أجبرك على شئ .. أنت أتيت إلى تلك البلاد لترى الجمال و أنا أقول لك تعال معي لأريك الجمال الحق لإنك من غرفتك هذه لن تري شيئا يستحق الذكر، فأنت لن تعرف مكانا أكثر من قاطنيه و إذا وافقت و أتيت معي سأطلب منك خدمة تسديها لي في الوقت المناسب .. هذا كل ما هنالك، فكر مليا و أنا سأنتظرك هنا و إذا اردت، جهز ما تحتاجه و تعال لنبدا رحلتنا القصيرة.

و قف إبراهام ينظر لراكي يفكر هل يستسلم لهذا الجنون و يسير في أمانه هذا الكلب أم يتجاهل ما يحدث أمامه من غرائب.


إنتهى الجزء الثاني و يليه الجزء الثالث

مع تحيات .. معتز حجازي











ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المعسكر 6 .. الأخيرة

قرب نهاية الليل و قبل بزوغ الشمس بحوالي ساعتين و أكثر .. وقفت الفصيلة على شكل طوابير منتظمة الشكل في أبعد أركان باحة مركز التدريب، متكوم ...