الاثنين، 5 يونيو 2017

الغرفة .. الأخيرة

سمع كوستا و شريف صوت مفتاح و ضع في باب الغرفة من الخارج ليفتح الباب .. فتح الباب، دخل عليهم شخص ممشوق القوام مهندم الملابس مرتديا نظارة للشمس، ذو جسم رياضي، مرتديا بنطلون أسود و قميص أبيض يغطيه سترة واقية للصدر و مسدس ضخم معلق في خصرة .. قام كل من شريف و كوستا من مكانهم ينظرون لهذا القادم يقتربان من بعضهما ليحمي كل منهما الآخر من خطر مجهول.

دخل هذاالقادم وقف أمامهم في ثقة و إعتياد ينظر إليهم و ينظرون له إلى أن امتعض كوستا غير مصدقا و قال بصوت عالي:

ــــ طـــــــــــــــــاااارق

ضرب كوستا رأسه بكفيه بقوة و هو يلتفت حوله غير مصدق لما أصاب أفكاره من صرع، أخذ ينظر لشريف و لطارق في حيرة، نظر طارق لشريف و قال:
ــــ أنت مقلتلوش و لا أيه؟

رد شريف واضعا يده على خده قائلا:
ــــ انا قولتله بس مش عارف ماله متفاجئ كده.

صرخ كوستا في وجه شريف و هو يلوح بذراعه:
ـــ قولتلي أيه ب (سباب) ... أنت بقالك نص ساعة عمال بتهري و مجبليش سيرة طارق ؟؟!!!

ــــ ما أنا قولتلك خطفوني و إن حاجة بحجم المشروع ده لازم يكونوا متابعين كل حاجه.

رجع كوستا للخلف في توتر شديد و هو يلوح بذراعه في وجه شريف و طارق:
ــــ أنت بتقول أي كلام يا شريف، ده مش رد على كلامي .. أنا مبقتش فاهم حاجه .. يعني مين اللي خاطفنا دلوقتي ام الشركة اللي أنت كنت شغال معها و لا طارق ال (سباب).

أخرج طارق مسدسه بعصبية قائلا:
ـــ أحـــــــمد أهدى على نفسك، أنت مش بتكلم صاحبك اللي كان بيلعب معاك ستيمشن على الفهوة.

قاطعه كوستا بصوت عالي:
ــــ أنت اللي متعش و تفتكر نفسك ظابط بجد ده أنا أبويا اللي جيبلك الواسطة اللي دخلتك الجيش و لا نسيت.

أخفت نظارة شمس طارق إحمرار عينيه، فهو منذ مدة لم يعامله أحد بهذه الطريقة الوقحة، فقال:
ــــ لا مش ناسي، أهدى بس عشان نعرف نتكلم.

ــــ مش ها هدى، و أنت يلا يا شريف مالك هادي كده، و انت عارف أن طارق اللي خاطفك.

شريف: مفيش حاجة أعملها، بس مش مضايق، عامة طارق أكيد مش هياذينا.

رفع طارق مسدسه في وجه شريف و قال:
ـــ لأ متفرحش أوي كده يا شريف ، انا هعمل شغلي بغض النظر عن أي حاجة.

نظر شريف لطارق بتمعن و قال في هدوء مستفز:
ــــ انت لسه مضايق من ساعت ما علمت عليك و خدت منك منيرة و بسنت أيام الجامعة؟

إبتسم طارق و صمت قليلا ثم قال:
ــــ بطل هبل ، انا بشوف شغلي و بنفذ الأوامر.

رد شريف:
ـــ أيه هي الأوامر يا طارق؟؟؟؟

أنزل طارق مسدسه و عينيه لأسفل و قال:
ــــ أتحفظ عليك لغاية أي أوامر جديدة و لو قاومت هقتلك عادي.

أشار كوستا لطارق أن يتوقف عن الكلام قائلا:
ــــ تقتل مين ياد يا أهبل .. أنا عايز أفهم أيه علاقتي بالموضوع؟؟؟

ــــ أنت اللي دخلت مناخيرك في الموضوع و كان لازم نلمك قبل ما تسيح.

وجه كوستا كلامه لشريف سائلا:
ـــ أنت مش قلتلي إنك كشفت الألمان، مصر خطفاك ليه؟؟؟

صعد شريف على الأريكة ينظر من النافذة قائلا:

ــــ أسأل طارق.

نظر كوستا لطارق في صمت منتظر أن يرد، فتكلم طارق بصوت تشوبه العصبية:
ــــ متبصليش، شريف هو اللي غبي و كان سايبها و مسافر و مش عايز يعرف عنها حاجة فجأة ضميرة صحي.

التفت شريف لطارق في حدة:
ــــ أنا ضميري مكنش مات يا عم الظابط، انا سبت البلد دي عشان ضميري صاحي.

تجاهل طارق كلام شريف موجها كلامه لكوستا:
ـــ و أنت كمان غبي يا كوستا، مسمعتش كلامي لما كلمتني ليه و تجاهلت كل حاجة و خليتك في نفسك.

كوستا:
ــــ بعني احنا الاتنين اغبيا هو عشان شاف حاجة غلط و مسكتش و أنا غبي عشان مسمعتش كلامك و نقضت لصاحبي .. لأ هو الحقيقة مش أحنا اللي اغبيا انما أنت اللي جبان و ندل، لأنك خايف تقول لأ في تحفظك علينا من غير ذنب و كنت عايزيني أبقى ندل زيك لما شكيت إن صاحبي في موقف محتاجني فيه.

طارق في أستهتار:
ــــ و هتعمله أيه اسم الله.

أستفز كوستا من طريقة طارق فرد:
ــــ صح مش هعرف أعمله حاجه أكيد، أذا كان انت و انت ظابط مش عارف تعمله حاجة انا هعملة؟.

قاطعهم شريف:
ــــ سيبكم منن الهبل ده و شغل العيال الصغيرة ده ، طارق .. هيحصل أيه دلوقتي؟

صرخ كوستا في شريف:
ــــ يا بني أنت ازاي مستسلم كده.

وقف شريف أمام كل من شريف و طارق و هو يعدل نظارته الطية قائلا:
ــــ أقول أيه يا كوستا و لا أعمل أيه .. لما نوصل لمرحلة إني أعرف حاجة هتضر البلد في مقتل شعبا و بيئة و آجي بنفسي و أسيب كل حاجة ورايا عشان أعرف أي حد محترم أبلغة، و بعد كده الآقي إن البلد اللي هتضر دي مش عيزاني أتكلم و كمان على إيد أعز أصدقائي، ده انا أقل حاجة ممكن أعملها .. إني أنتحر مش استسلم بس.

طارق:
ـــ كنت هتقابل مين ياشريف.

ــــ اللواء سلامة المنياوي من الرياسة.

كوستا:
ــــ شريف متقولش كل حاجة ممكن يكون بيستدرجك عشان يعرف منك حاجات يستغلها ضدك.

رفع طارق مسدسه في وجه كوستا:
ــــ انت ليه عايز تدمر كل صداقتنا دلوقتي .. افهم يا غبي، متعاملنيش بنفس طريقة زمان و تفضل تستفزني.. مش هضحك.

نظر كوستا لطارق و قال في لهجة أستفزازية:
ــــ أنا اسف يا طارق بس أنا مش قادر أنسى إنك كنت بتيجي تشحت مني الأفلام السكس.

أقترب طارق في سرعة من كوستا و أمسكه من ياقة القميص واضعا فوهة المسدس في جبهته و صرخ:
ــــ أحمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد.

نظر كوستا في عيني طارق طويلا و قال في همس:
ــــ أنت عارف أنت متحفظ علينا ليه ؟ .. عشان أنت مبتفكرش، أنت اللي طول عمرك غبي.

تبادل طارق النظر في عيني كوستا قائلا:
ــــ  أقسم بالله أنا ممكن أقتلك عادي و لا حد هيعرف عنك حاجة.

ــــ انت عايز تقتلني عشان تنسى الماضي اللي بيفكرك بأصلك، شكلك بقيت واصل  فوق و عايز تنسى اللي تحت.

تدخل شريف بينهما ليفصل أشتباكهما قائلا:
ــــ انتو لسه عيال صغيرة زي ما أنتو .. سيبة يا طارق.

فصل قبضة طارق عن ياقة كوستا ثم قال لطارق:
ــــ انت مقتنع إني عملت حاجة يا طارق.

رد طارق:
ــــ مش مهم أقتنع، أنا بنفذ الأوامر، عشان ده شغلي.

ــــ يا بني أفهم أنا جي ابلغ سيادة الريس إن المحطة الكهربائية اللي هتتنفذ في بحيرة ناصر هتضر البلد مش هتفدها، و أنا جالي حد من الرياسة فا ده معناة إن الريس على علم بالشغل بتاعي.

تحرك طارق يمينا و يسارا مفكرا ثم قال:
ـــ انت عارف التحريات بتعاتنا وصلت لأيه فبل ما يجيلك سيادة العميد سلامة المنياوي؟ .. إنك بتكره البلد جدا و إنك مشنع في كل حتة إنك مش راجعلها و من الأخر لو شفت ليها أي ضرر مش هتتكلم.

إتسعت عينا شريف في إندهاش قائلا:
ــــ ده حقيقي فغلا، انا مكنتش بخبي حاجة زي كده انا طلعت من البلد دي هربان تقريبا .. بس مدام التحريات بتعاتكوا وصلت للمعلومات دي، الرياسه كانت عايزاني اشتغل على المشروع ده ليه؟

أقترب طارق من من شريف للغاية ثم أنتزع نظارته الشمسية و قال في هدوء:
ــــ عشان لازم يكون في مستشار معروف معتمد بيشرف على المشروع.

أدار شريف ظهرة لطارق و على وجهه علامات التفكيرقائلا محدثا نفسه:
ــــ لازم حد يشرف على المشروع بس نضمن انه لما يكتشف أي حاجة غلط ميتكلمش عشان هو بيكره البلد؟ صح؟

قالها و هو ينظر لطارق ليقرأ ردة فعله و لكنه لم بستشف شيئا.
قاطع كوستا أفكارهم فائلا:
ــــ يا بلد وسخة ... ليكي ربنا.

سأل شريف:
ــــ مين اللي رشحني أشتغل على المشروع يا طارق؟

رفع كوستا و شريف عينهما في وجهه طارق منتظرين إجابتهم و لكنه لم ينبس ببنت شفة، و لكن اصبحت الإجابة واضحة دون كلام .. و بدون إتفاق مسبق تحرك كل من كوستا و طارق لمهاحمته دون وعي، رفع طارق المسدس في سرعة مصوبا ناحيتهم قائلا:
ــــ أفهموا أنا كل ده و أنا مش عايز أدخل حد من برة الدنيا مرشقة ضباط و عساكر ، وبعدين يا شريف انا كنت عايز أظبطك أنت تلاقيك أخدت فلوس مخدتهاش طول حياتك .. انا رشحتك لأني عارفك بتحب الفلوس و بتكره البلد و التحريات اثبتت كلامي فالأختيار وقع عليك.

كوستا في عصبية:
ــــ أنا ندمان إني عرفتك في يوم من الأيام.

ــــ أنت بس مشوفتنيش قبل كده و أنا بشتغل يا كوستا.

رفع شريف ذراعيه في وجهه طارق ليهدأ الموقف بعد أن توتر الموقف تماما خصوصا ان طارق مازال مصوبا مسدسه ناحيتهم و قال:
ـــ طارق أيه المطلوب مني بالظبط.

طارق:
ــــ تقول إن المشروع ده مفهوش أي مشكلة تماما.

ــــ لأ مينفعش ياطارق .. إزاي عايزني أعمل كده ، يا بني مش أنت ظابط و لا أنت مقتنع بالغلط اللي بتعمله لدرجة إنك حتى مش عايز تسيب الصح يظهر لوحده.

تدخل كوستا :
ــــ أنت بتكلم حيطة.

شريف:
ــــ طارق أنت أكيد مش هتضرني لو معملتش اللي بتقولي عليه.

سكت ثانية ثم قال في هدوء:
ــــ أنا مش عايز أضر أي حد يا شريف

ظل ينظر طارق لكليهما في صمت رافعا المسدس .. و تذكر، تذكر أيام ما كوستا كان يضحك و يهتز جسده بالكامل عند فوزه في بولة الأستيمشن، فيعزمه طارق على ساعة بلاي ستيشن ليسترد حقة لأنه يعلم انه أمهر منه في البلاي ستيشن ويضحك طارق بعد فوزه بصوت عالي ثم يضربه على ظهره قائلا (عامل أيه يا كوشتا)  .. و شريف الذي ما كان يشتكي صعوبة الدراسة في الهندسة و لكنه لا يتنازل عن المراكز الخمسة الأولى على دفعته في كل سنة و كان هذا دائما مدعاة للضحك عليه من شكواة المستمرة من الدراسة.

أنزل طارق مسدسه بجانبة و سأل شريف:
ــــ أنت خسيت ليه كده يا شريف أنت طول عمرك طخين.

ذهل شريف من السؤال المفاجئ الغير مناسب للموقف و رد:
ــــ أنت عارف أنا بطخن في الإمتحانات بس و أنا بطلت مذاكرة من زمان.

أدار طارق ظهره لكليهما و فتح باب الغرفة في هدوء و خرج منها، تاركا كوستا و شريف غارقين في حيرة بالغه خصوصا بعد موقفه الأخير و سؤاله الأغرب .. شعر كليهما بالتعب فجلس كليهما على الأريكة في صمت دون كلام .. ظل الوضع هكذا قرابة الساعة ثم فتح باب الغرفة مرة أخرى و دخل طارق في هدوء و إقترب من شريف و أخرج الكلبشات و وضعهما في يد شريف فقال كوستا في إنفعال:
ــــ هتعمل أيه ياطارق.

رد طارق في حزم:
ــــ هعمل شغلي، اسكت بقى.

حدق كوستا في وجهه شريف، ثم قال طارق بصوت عالي:
ــــ ســــاامي.

دخل شخص يرتدي مثل طارق، ضرب قدميه بتحية عسكرية قوية فقال له طارق:
ــــ خليك مع أحمد هتركبه عربيتي و توصله لحد بيته.

سامي: تمام يا فندم.

نظر طارق لكوستا و قال:
ــــ متتكلمش في أي حاجة من اللي حصلت بينا إنهاردة .. فاهم.

ــــ هتودي شريف فين.

ــــ ملكش دعوة ، خليك في نفسك.

خرج أربعتهم من الغرفة طارق ممسكا شريف و سامي ممسكا كوستا، نظر كوستا للغرفة و جدها غرفة وحيدة وسط مساحة شاسعة من المزارع حولهم و ليس حولهم أي مكان مأهول بسكان  إتجه سامي و كوستا لأحدى السيارات و طارق و شريف يتجهان لسيارة أخرى فصرخ كوستا فجأة من مكانه:
ــــ   هتودي شريف فين يا طارق.

صرخ شريف هو الآخر و يداه مربوطة بكلبش:

ــــ متخفش يا كوستا ، طارق صاحبي من زمان و ياما قسم معايا الأكل.

ثم نظر كل من طارق و شريف لبعض ... ركبا السيارة و إنطلقت بهم.




تمت بحمد الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المعسكر 6 .. الأخيرة

قرب نهاية الليل و قبل بزوغ الشمس بحوالي ساعتين و أكثر .. وقفت الفصيلة على شكل طوابير منتظمة الشكل في أبعد أركان باحة مركز التدريب، متكوم ...