الاثنين، 5 يونيو 2017

الغرفة .. الأخيرة

سمع كوستا و شريف صوت مفتاح و ضع في باب الغرفة من الخارج ليفتح الباب .. فتح الباب، دخل عليهم شخص ممشوق القوام مهندم الملابس مرتديا نظارة للشمس، ذو جسم رياضي، مرتديا بنطلون أسود و قميص أبيض يغطيه سترة واقية للصدر و مسدس ضخم معلق في خصرة .. قام كل من شريف و كوستا من مكانهم ينظرون لهذا القادم يقتربان من بعضهما ليحمي كل منهما الآخر من خطر مجهول.

دخل هذاالقادم وقف أمامهم في ثقة و إعتياد ينظر إليهم و ينظرون له إلى أن امتعض كوستا غير مصدقا و قال بصوت عالي:

ــــ طـــــــــــــــــاااارق

ضرب كوستا رأسه بكفيه بقوة و هو يلتفت حوله غير مصدق لما أصاب أفكاره من صرع، أخذ ينظر لشريف و لطارق في حيرة، نظر طارق لشريف و قال:
ــــ أنت مقلتلوش و لا أيه؟

رد شريف واضعا يده على خده قائلا:
ــــ انا قولتله بس مش عارف ماله متفاجئ كده.

صرخ كوستا في وجه شريف و هو يلوح بذراعه:
ـــ قولتلي أيه ب (سباب) ... أنت بقالك نص ساعة عمال بتهري و مجبليش سيرة طارق ؟؟!!!

ــــ ما أنا قولتلك خطفوني و إن حاجة بحجم المشروع ده لازم يكونوا متابعين كل حاجه.

رجع كوستا للخلف في توتر شديد و هو يلوح بذراعه في وجه شريف و طارق:
ــــ أنت بتقول أي كلام يا شريف، ده مش رد على كلامي .. أنا مبقتش فاهم حاجه .. يعني مين اللي خاطفنا دلوقتي ام الشركة اللي أنت كنت شغال معها و لا طارق ال (سباب).

أخرج طارق مسدسه بعصبية قائلا:
ـــ أحـــــــمد أهدى على نفسك، أنت مش بتكلم صاحبك اللي كان بيلعب معاك ستيمشن على الفهوة.

قاطعه كوستا بصوت عالي:
ــــ أنت اللي متعش و تفتكر نفسك ظابط بجد ده أنا أبويا اللي جيبلك الواسطة اللي دخلتك الجيش و لا نسيت.

أخفت نظارة شمس طارق إحمرار عينيه، فهو منذ مدة لم يعامله أحد بهذه الطريقة الوقحة، فقال:
ــــ لا مش ناسي، أهدى بس عشان نعرف نتكلم.

ــــ مش ها هدى، و أنت يلا يا شريف مالك هادي كده، و انت عارف أن طارق اللي خاطفك.

شريف: مفيش حاجة أعملها، بس مش مضايق، عامة طارق أكيد مش هياذينا.

رفع طارق مسدسه في وجه شريف و قال:
ـــ لأ متفرحش أوي كده يا شريف ، انا هعمل شغلي بغض النظر عن أي حاجة.

نظر شريف لطارق بتمعن و قال في هدوء مستفز:
ــــ انت لسه مضايق من ساعت ما علمت عليك و خدت منك منيرة و بسنت أيام الجامعة؟

إبتسم طارق و صمت قليلا ثم قال:
ــــ بطل هبل ، انا بشوف شغلي و بنفذ الأوامر.

رد شريف:
ـــ أيه هي الأوامر يا طارق؟؟؟؟

أنزل طارق مسدسه و عينيه لأسفل و قال:
ــــ أتحفظ عليك لغاية أي أوامر جديدة و لو قاومت هقتلك عادي.

أشار كوستا لطارق أن يتوقف عن الكلام قائلا:
ــــ تقتل مين ياد يا أهبل .. أنا عايز أفهم أيه علاقتي بالموضوع؟؟؟

ــــ أنت اللي دخلت مناخيرك في الموضوع و كان لازم نلمك قبل ما تسيح.

وجه كوستا كلامه لشريف سائلا:
ـــ أنت مش قلتلي إنك كشفت الألمان، مصر خطفاك ليه؟؟؟

صعد شريف على الأريكة ينظر من النافذة قائلا:

ــــ أسأل طارق.

نظر كوستا لطارق في صمت منتظر أن يرد، فتكلم طارق بصوت تشوبه العصبية:
ــــ متبصليش، شريف هو اللي غبي و كان سايبها و مسافر و مش عايز يعرف عنها حاجة فجأة ضميرة صحي.

التفت شريف لطارق في حدة:
ــــ أنا ضميري مكنش مات يا عم الظابط، انا سبت البلد دي عشان ضميري صاحي.

تجاهل طارق كلام شريف موجها كلامه لكوستا:
ـــ و أنت كمان غبي يا كوستا، مسمعتش كلامي لما كلمتني ليه و تجاهلت كل حاجة و خليتك في نفسك.

كوستا:
ــــ بعني احنا الاتنين اغبيا هو عشان شاف حاجة غلط و مسكتش و أنا غبي عشان مسمعتش كلامك و نقضت لصاحبي .. لأ هو الحقيقة مش أحنا اللي اغبيا انما أنت اللي جبان و ندل، لأنك خايف تقول لأ في تحفظك علينا من غير ذنب و كنت عايزيني أبقى ندل زيك لما شكيت إن صاحبي في موقف محتاجني فيه.

طارق في أستهتار:
ــــ و هتعمله أيه اسم الله.

أستفز كوستا من طريقة طارق فرد:
ــــ صح مش هعرف أعمله حاجه أكيد، أذا كان انت و انت ظابط مش عارف تعمله حاجة انا هعملة؟.

قاطعهم شريف:
ــــ سيبكم منن الهبل ده و شغل العيال الصغيرة ده ، طارق .. هيحصل أيه دلوقتي؟

صرخ كوستا في شريف:
ــــ يا بني أنت ازاي مستسلم كده.

وقف شريف أمام كل من شريف و طارق و هو يعدل نظارته الطية قائلا:
ــــ أقول أيه يا كوستا و لا أعمل أيه .. لما نوصل لمرحلة إني أعرف حاجة هتضر البلد في مقتل شعبا و بيئة و آجي بنفسي و أسيب كل حاجة ورايا عشان أعرف أي حد محترم أبلغة، و بعد كده الآقي إن البلد اللي هتضر دي مش عيزاني أتكلم و كمان على إيد أعز أصدقائي، ده انا أقل حاجة ممكن أعملها .. إني أنتحر مش استسلم بس.

طارق:
ـــ كنت هتقابل مين ياشريف.

ــــ اللواء سلامة المنياوي من الرياسة.

كوستا:
ــــ شريف متقولش كل حاجة ممكن يكون بيستدرجك عشان يعرف منك حاجات يستغلها ضدك.

رفع طارق مسدسه في وجه كوستا:
ــــ انت ليه عايز تدمر كل صداقتنا دلوقتي .. افهم يا غبي، متعاملنيش بنفس طريقة زمان و تفضل تستفزني.. مش هضحك.

نظر كوستا لطارق و قال في لهجة أستفزازية:
ــــ أنا اسف يا طارق بس أنا مش قادر أنسى إنك كنت بتيجي تشحت مني الأفلام السكس.

أقترب طارق في سرعة من كوستا و أمسكه من ياقة القميص واضعا فوهة المسدس في جبهته و صرخ:
ــــ أحمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد.

نظر كوستا في عيني طارق طويلا و قال في همس:
ــــ أنت عارف أنت متحفظ علينا ليه ؟ .. عشان أنت مبتفكرش، أنت اللي طول عمرك غبي.

تبادل طارق النظر في عيني كوستا قائلا:
ــــ  أقسم بالله أنا ممكن أقتلك عادي و لا حد هيعرف عنك حاجة.

ــــ انت عايز تقتلني عشان تنسى الماضي اللي بيفكرك بأصلك، شكلك بقيت واصل  فوق و عايز تنسى اللي تحت.

تدخل شريف بينهما ليفصل أشتباكهما قائلا:
ــــ انتو لسه عيال صغيرة زي ما أنتو .. سيبة يا طارق.

فصل قبضة طارق عن ياقة كوستا ثم قال لطارق:
ــــ انت مقتنع إني عملت حاجة يا طارق.

رد طارق:
ــــ مش مهم أقتنع، أنا بنفذ الأوامر، عشان ده شغلي.

ــــ يا بني أفهم أنا جي ابلغ سيادة الريس إن المحطة الكهربائية اللي هتتنفذ في بحيرة ناصر هتضر البلد مش هتفدها، و أنا جالي حد من الرياسة فا ده معناة إن الريس على علم بالشغل بتاعي.

تحرك طارق يمينا و يسارا مفكرا ثم قال:
ـــ انت عارف التحريات بتعاتنا وصلت لأيه فبل ما يجيلك سيادة العميد سلامة المنياوي؟ .. إنك بتكره البلد جدا و إنك مشنع في كل حتة إنك مش راجعلها و من الأخر لو شفت ليها أي ضرر مش هتتكلم.

إتسعت عينا شريف في إندهاش قائلا:
ــــ ده حقيقي فغلا، انا مكنتش بخبي حاجة زي كده انا طلعت من البلد دي هربان تقريبا .. بس مدام التحريات بتعاتكوا وصلت للمعلومات دي، الرياسه كانت عايزاني اشتغل على المشروع ده ليه؟

أقترب طارق من من شريف للغاية ثم أنتزع نظارته الشمسية و قال في هدوء:
ــــ عشان لازم يكون في مستشار معروف معتمد بيشرف على المشروع.

أدار شريف ظهرة لطارق و على وجهه علامات التفكيرقائلا محدثا نفسه:
ــــ لازم حد يشرف على المشروع بس نضمن انه لما يكتشف أي حاجة غلط ميتكلمش عشان هو بيكره البلد؟ صح؟

قالها و هو ينظر لطارق ليقرأ ردة فعله و لكنه لم بستشف شيئا.
قاطع كوستا أفكارهم فائلا:
ــــ يا بلد وسخة ... ليكي ربنا.

سأل شريف:
ــــ مين اللي رشحني أشتغل على المشروع يا طارق؟

رفع كوستا و شريف عينهما في وجهه طارق منتظرين إجابتهم و لكنه لم ينبس ببنت شفة، و لكن اصبحت الإجابة واضحة دون كلام .. و بدون إتفاق مسبق تحرك كل من كوستا و طارق لمهاحمته دون وعي، رفع طارق المسدس في سرعة مصوبا ناحيتهم قائلا:
ــــ أفهموا أنا كل ده و أنا مش عايز أدخل حد من برة الدنيا مرشقة ضباط و عساكر ، وبعدين يا شريف انا كنت عايز أظبطك أنت تلاقيك أخدت فلوس مخدتهاش طول حياتك .. انا رشحتك لأني عارفك بتحب الفلوس و بتكره البلد و التحريات اثبتت كلامي فالأختيار وقع عليك.

كوستا في عصبية:
ــــ أنا ندمان إني عرفتك في يوم من الأيام.

ــــ أنت بس مشوفتنيش قبل كده و أنا بشتغل يا كوستا.

رفع شريف ذراعيه في وجهه طارق ليهدأ الموقف بعد أن توتر الموقف تماما خصوصا ان طارق مازال مصوبا مسدسه ناحيتهم و قال:
ـــ طارق أيه المطلوب مني بالظبط.

طارق:
ــــ تقول إن المشروع ده مفهوش أي مشكلة تماما.

ــــ لأ مينفعش ياطارق .. إزاي عايزني أعمل كده ، يا بني مش أنت ظابط و لا أنت مقتنع بالغلط اللي بتعمله لدرجة إنك حتى مش عايز تسيب الصح يظهر لوحده.

تدخل كوستا :
ــــ أنت بتكلم حيطة.

شريف:
ــــ طارق أنت أكيد مش هتضرني لو معملتش اللي بتقولي عليه.

سكت ثانية ثم قال في هدوء:
ــــ أنا مش عايز أضر أي حد يا شريف

ظل ينظر طارق لكليهما في صمت رافعا المسدس .. و تذكر، تذكر أيام ما كوستا كان يضحك و يهتز جسده بالكامل عند فوزه في بولة الأستيمشن، فيعزمه طارق على ساعة بلاي ستيشن ليسترد حقة لأنه يعلم انه أمهر منه في البلاي ستيشن ويضحك طارق بعد فوزه بصوت عالي ثم يضربه على ظهره قائلا (عامل أيه يا كوشتا)  .. و شريف الذي ما كان يشتكي صعوبة الدراسة في الهندسة و لكنه لا يتنازل عن المراكز الخمسة الأولى على دفعته في كل سنة و كان هذا دائما مدعاة للضحك عليه من شكواة المستمرة من الدراسة.

أنزل طارق مسدسه بجانبة و سأل شريف:
ــــ أنت خسيت ليه كده يا شريف أنت طول عمرك طخين.

ذهل شريف من السؤال المفاجئ الغير مناسب للموقف و رد:
ــــ أنت عارف أنا بطخن في الإمتحانات بس و أنا بطلت مذاكرة من زمان.

أدار طارق ظهره لكليهما و فتح باب الغرفة في هدوء و خرج منها، تاركا كوستا و شريف غارقين في حيرة بالغه خصوصا بعد موقفه الأخير و سؤاله الأغرب .. شعر كليهما بالتعب فجلس كليهما على الأريكة في صمت دون كلام .. ظل الوضع هكذا قرابة الساعة ثم فتح باب الغرفة مرة أخرى و دخل طارق في هدوء و إقترب من شريف و أخرج الكلبشات و وضعهما في يد شريف فقال كوستا في إنفعال:
ــــ هتعمل أيه ياطارق.

رد طارق في حزم:
ــــ هعمل شغلي، اسكت بقى.

حدق كوستا في وجهه شريف، ثم قال طارق بصوت عالي:
ــــ ســــاامي.

دخل شخص يرتدي مثل طارق، ضرب قدميه بتحية عسكرية قوية فقال له طارق:
ــــ خليك مع أحمد هتركبه عربيتي و توصله لحد بيته.

سامي: تمام يا فندم.

نظر طارق لكوستا و قال:
ــــ متتكلمش في أي حاجة من اللي حصلت بينا إنهاردة .. فاهم.

ــــ هتودي شريف فين.

ــــ ملكش دعوة ، خليك في نفسك.

خرج أربعتهم من الغرفة طارق ممسكا شريف و سامي ممسكا كوستا، نظر كوستا للغرفة و جدها غرفة وحيدة وسط مساحة شاسعة من المزارع حولهم و ليس حولهم أي مكان مأهول بسكان  إتجه سامي و كوستا لأحدى السيارات و طارق و شريف يتجهان لسيارة أخرى فصرخ كوستا فجأة من مكانه:
ــــ   هتودي شريف فين يا طارق.

صرخ شريف هو الآخر و يداه مربوطة بكلبش:

ــــ متخفش يا كوستا ، طارق صاحبي من زمان و ياما قسم معايا الأكل.

ثم نظر كل من طارق و شريف لبعض ... ركبا السيارة و إنطلقت بهم.




تمت بحمد الله

الجمعة، 2 يونيو 2017

الغرفة 2

قذف شخص ما داخل الغرفة ساقطا على الأرض على وجهه، وقف هذا الشخص الرفيع و ظهره في مواجهة كوستا ينظف ملابسه التي إتسخت من تراب أرض الغرفة ثم يعدل منظارة و هو يلتفت لكوستا.
إتسعت حدقتا كوستا بذهول كبير غير مصدق، فقال له هذا الذي سقط في الغرفة معه:

ــــ أزيك يا كوستا.

ــــ شريف الصواف !!! ... أنت جيت هنا إزاى؟

رد شريف في هدوء – شريف رفيع إالي حد كبير يرتدي نظارة طبية زحف الصلع لمنتصف رأسه، مرتديا قميص و بنطلون جينس- :

ــــ أنا آسف يا كوستا و الله مكنش قصدي ألبسك في أي حاجة من إللي حصلتلك.

إقترب كوستا من شريف و أمسك كتفيه و هو يقول في توتر:

ــــ أنت كويس يا شريف؟ .. ايه اللي جابنا هنا .. و أيه اللي أنا اتعكيت فيه.

نظر شريف لكوستا في عينيه و يرد:

ــــ انا اسف يا كوستا .. بس أنت اتصلت بيا في وقت كنت خلاص إتخطفت و المفروض محدش يعرف أني رجعت  بس أنت عشان لسه جدع زي ما أنت قعدت تدور عليا.

ثم إبتسم شريف و أكمل:
ـــــ لغاية لما لقتني,

رد عليه كوستا و ما زال الذهول ممسكا في ملامحه:

ــــ أنا ملقتكش يا شريف، هما اللي لقوني.

ثم صمت برهة و هو ينظر للأسفل ثم نظر لشريف و قال:

ـــــ مين دول اللي خطفنا يا شريف؟

صعد شريف جالسا على المكتب رغم ما يعتلي المكتب من غبار، ثم رد على كوستا:

ــــ ده موضوع يطول شرحه.

أنفعل كوستا قائلا:
ــــ أنت هتهرج يا شريف أتخطفت بسببك مع ناس غريبة  في الأوضة الزفت دي و مش عايز تعرفني أنا ليه وصلت هنا و إتعكيت معاك في أيه.

نظر شريف لكوستا مذهولا غير متوقع هذه ردة الفعل العنيفة، ثم رد عليه:
ــــ طيب أهدى شوية و أنا أحكيلك كل حاجة.

صمت شريف الصواف قليلا ، نظر للأسفل ثم لأعلى و كأنه يتذكر أشياء ثم بدأ الكلام:
ــــ بص ياسيدي .. زي ما أنت عارف بعد ما أتخرجنا قعدت إشتغلت هنا في مصر سنتين بعد كده عرفت أجيب منحة في ألمانيا و سافرت عملت ماجستير و إشتغلت هناك في كذا مشروع لمحطات الكهرباء و عملت الدكتوراة و أنا يشتغل في - تطوير محطات الكهرباء بإستخدام أقل كمية من الماء للتقليل من الضرر البيئي الواقع على البيئة -  و كنت شغال، و الدنيا كانت ماشية معايا كويس، وصلت لدرجة مشرف أو مستشار في إنشاء المحطات الكهربية ..
قاطعة كوستا:
ــــ أنا عارف كل ده يا شريف، فين المشكلة؟

أكمل شريف و كأنه لم يسمعه:
ــــ سنين و الدنيا ماشية على نفس الوتيرة بدون أي جديد، تمام؟ .. طبعا زي ما أنت عارف إن الرئيس بيحاول يعمل بنية تحتية لمصر لأن احنا متأخرين في كل حاجة و من ضمن الحاجات دي (الطاقة) و خاصة محطات الكهرباء، لو متابع الأخبار، الرئيس متفق على أربع محطات كهرباء مع دولتين- اتنين مع الصين و اتنين مع المانيا – الصين هتبدأ بواحدة و المانيا بواحدة و بعد ما يخلصوهم كل بلد تبدأ في المحطة التانية أأأ ...

قاطعة كوستا مجددا:
ــــ أنت بتقولي الموجز يا شريف؟؟

شريف:
ــــ عايز تعرف ايه اللي جابك هنا ولا لأ؟
ــــ كمل ياعم.
ــــ محطة الكهرباء اللي ألمانيا بتعملها هتنفذها عند بحيرة ناصر، عشان هما هيعملوا محطة كهربائية بخارية فا بحيرة ناصر هتكون مناسبة جدا لمصدر للماء و تبريد المحطة في نفس الوقت .. المهم أنا من ست شهور جالي مندوب من الرياسة معاه مندوب من وزارة الخارجية يكلفوني إني أكون مستشار في تخطيط محطة الكهرباء اللي ألمانيا هتنشئها في مصر .. أنا رفضت في الأول الموضوع، خصوصا لأني كنت خارج من مصر و ناوي أقطع بيها كل صلة ممكن تريطني بيها، بس الحقيقة مندوب الرياسة فضل يقنعني إني أقبل أشتغل في المشروع ده نظرا لشهرتي في المجال ده و كوني مصري فا ده هيخليني أركز أكتر .. على فكرة هما كانوا فاكرين كده و ده مش حقيقي لأني أنا كله عندي واحد مصري أو غيرة بس هما أصروا جدا و بأجر مبالغ فيه .. فقبلت.

تملل كوستا في وقفته ثم جلس على الأريكة المهترئة سامعا لكلام الشريف.

أكمل شريف:

ــــ بدأت الشغل مع التيم الألماني و هم كانول صدني في الأول مش عايزين يعرفوني أي حاجة عن المشروع بس أنا طريقتهم استفرتني فأصريت أتدخل اكتر عشان أعرف كل حاجة بيعملوها مش من باب مصر و الكلام الحمصي ده، لأ، بس لأني أول مرة أشوف معاملة مش بروفيشنال من ألمان بالطريقة دي، المهم ، واحدة واحدة في خلال ست شهور عرفت كل صغيرة و كبيرة عن المحطة، حاجات عرفتها بمزاجهم و حاجات عرفتها من وراهم .. و بطريقة ما عرفوا إني عرفت حاجات مكنوش عايزني أعرفها فبدءوا يغيروا في الداتا اللي متقدمالي، فا أنا مستنتش أكتر من كده و طلعت على السفارة أقابل السفير أو أي ملحق .. قابلت السفير و بلغته اللي حصل و اديته الداتا و الورق اللي ليها بالموضع ده قالي أنه هيساعدني، سبته أسبوع و بعدين ملقتيش رد ، رحتله قاللي محدش رد عليه من مصر، قولت مش هستني أكتر من كده، رجعت مصر أول ما رجعت خطفوني.

صمت شريف و هو ينظر لكوستا.

قال كوستا:
ــــ ايه اللي أنت عرفتوا يا شريف يخطفوك عشانه.

رد شريف قائلا:
ــــ حاجات تكنيكل في المحطة مش هتفهمها.

ــــ ... في أيه يا (سباب)، أنت ناسي إني هندسة زي زيك.

نظر شريف لكوستا ثم أعدل جلسته على المكتب و قال:
ــــ بشكل مبسط المحطة البخارية الكهربائية بتسخن المياة و تحويلها لبخار و من سخونة البخار يحولها لكهرباء، المحطة اللي الألمان بيعملوها دي متقدمة لمصر على أساس إنها هتدي طاقة أعلى من أي محطة في فئتها و بتكلفة أقل، و دي كانت أول نقطة لفتت نظري .. بعد فحص و محص لقيت إن الألمان هيطلعوا سخونة أعلى و أسرع عن طريق تبخير نفايات كيماوية في المياة اللي هيبخروها و ده طبعا هيإذي البيئة المحيطة في الجو و مياة بحيرة ناصر و ده مفروض ميحصلش بس لأننا عالم تالت طبعا استحلوا ده.

عقد كوستا حاجبيه للغاية ثم سأل:
ـــــ و ضرر موضوع النفايات الكيماوية ده عالي أوي؟

ضم شريف شفتيه و قال:
ـــــ الشركة المنفذه لمحطة الكهرباء متفقة مع تلات دول تأخذ منها النفايات الكيمياوية بتعتها و تتخلص منها في المياة بتعاتنا عن طريق محطة الكهرباء اللي هيعملوها، زي النفايات اللي كنا بنسمع إنهم بيدفونها في أرضنا زمان .. حاجة شبه كده بس دول هيتخلصوا منها في الجو عن طريق تبخير النفايات الكيمياوية و تدوبيها في مياة تبريد المحطة.
أتسعت عينا كوستا و قال بصوت خافض:

ــــ يا نهار أسود، أنت دايما عاكك نفسك في حاجات، و عاككنا معاك أنا أيه اللي خلاني أكلمك إنهاردة، ما كان زماني قاعد في بيتي.

نظر له شريف له نظرة طويلة و تمتم لنفسه:
ــــ و أنا اللي لسة كنت بقول أنك جدع زي ما أنت.

كوستا:
ــــ و دي شركة اللي كنت شغال معاهم و لا عصابة.. هما عرفوا ازاي أنك رجعت مصر عشان كده؟
شريف:

ــــ تفتكر مشروع زي ده و بالشكل ده مش هيكونوا عارفين كل خطوة أنا بعملها.
ــــ ده الموضوع كده داخل في أجهزة مخابرات.يا عم شريف يا صواف.

ـــ طبعا يا كوستا دول خطفوني أول ما نزلت أرض مصر ـ

توتر كوستا و بدأ يتحرك يمينا و يسارا بدون هدى متخبطا مثل أفكاره ثم قال:
ــــ هنعمل أيه دلوقتي يا شريف.

رد شريف:
ــــ هنستنى.

أنفعل كوستا مجددا:

ــــ أنت إزاي بقيت بارد بالطريقة دي.

ــــ منقدرش نعمل حاجه معاهم يا غبي، دول كيان كبير أوي دي مش خناقة في الشارع و أديك شايف أحنا محبوسين في أوضة مفيش فيها فتحة واحدة غير فتحة قاعدة الحمام.

سمع كلاهما صوت مفتاح و ضع في باب الغرفة من الخارج ليفتح الباب .. فتح الباب، دخل عليهم شخص ممشوق القوام مهندم الملابس مرتديا نظارة للشمس، ذو جسم رياضي، مرتديا بنطلون أسود و قميص أبيض يغطيه سترة واقية للصدر و مسدس ضخم معلق في خصرة .. قام كل من شريف و كوستا من مكانهم ينظرون لهذا القادم يقتربان من بعضهما ليحمي كل منهما الآخر من خطر مجهول.

دخل هذاالقادم وقف أمامهم في ثقة و إعتياد ينظر إليهم و ينظرون له لإلى أن امتعض كوستا غير مصدقا و قال بصوت عالي:

ــــ طـــــــــــــــــاااارق


أنه طارق صديقم المشترك الذي يعمل في أحد أجهزة الأمن.   


تابع الغرفة الجزء الثالث ... 

المعسكر 6 .. الأخيرة

قرب نهاية الليل و قبل بزوغ الشمس بحوالي ساعتين و أكثر .. وقفت الفصيلة على شكل طوابير منتظمة الشكل في أبعد أركان باحة مركز التدريب، متكوم ...