الأحد، 24 سبتمبر 2017

هناك 2


قلعت هدومي و حطتها على السرير و لبست هدوم تانيه مش عارف ليه بس قولت عشان أبقى لابس حاجة تانية غير اللي شوفتها في العدسة لم شوفت نفسي بركب العربية .. المهم و أنا خارج من الأوضة حصل حاجة غريبة لا يمكن تتخيلها.



و أنا خارج من الأوضة لقيت ماما في وشي كانت شايلة شفشق عصير ليمون و أنا كنت خارج مستعجل خبطت في ماما و العصير كله وقع علية، طبعا كان لازم أغير هدومي و طبعا زي ما أنت متوقع لبست الهدوم اللي كنت لابسها قبل كده و اللي كنت شفت نفسي بركب العربية بيها في العدسة من شوية ..فعلا لبست نفس اللبس خدت العدسة ي إيدي و نزلت ركبت العربية و رحت لعمي اللي ساكن في التجمع الخامس دلوقتي.

عايز أقولك إن بعد موقف اللبس ده حسيت إن مفيش مفر من ان لازم أعمل زي اللي بشوفه بيحصل في العدسة و إني مستحيل أهرب أو أغير من اللي بشوفه فيها.

وصلت لعمي،طلعت الدور الرابع، فتحلي و دخلت قعدت في الصالون سلمنا على بعض و و هو طلبلنا 2 قهوة سادة معرفش ليه و بعديت ابتديت أنا الكلام.

ـ أنا جيلك إنهارده بخصوص املاك بابا اللي أنت أخدتها من غير وجه حق.

ـ أنت غلطان أنا اخدت حقي مش أكتر.

ـ حقك .. حقك أكتر من 90% من أملاك بابا .. أنت أزاي بتقول كده انا لولا إني متربي كان زماني ليا تصرف مختلف معاك.

ـ انا أشتغلت معاك أبوك عمري كله و ربنا مرزقنيش بأولاد .. يعني لا مال و لا بنون.

ـ و أنا مالي ربنا مرزقكش .. تقوم تسرق؟

قام عمي من مكانه و أنا قومت، طبعا النقاش احتد قوي و كنت خايف يحصل أي حاجة مش معمول حسابها .. بعد ما قومنا لقيته حصله حالة غريبة جدا .. علامات رعب و خوف مش طبيعية ظهرت على وشه و جسمه و رجع لورا لدرجة أنه وقع هو و الكرسي على الأرض .. أنا طبعا مبتقش فاهم حاجة و مش عارف بيعمل كده ليه و مدرقتش أنطق و لا كلمة، فسألني وصوته زي ما يكون هيعيط و هو بيشاور على حاجة في إيدي:

ـ أنت جبتها منين؟

رفعت العدسة اللي كانت في إيدي و أنا مستغرب أوي وقولتله:

ـ أنت خايف من دي ليه؟

ـ أنطق جبتها منين يا حيواااان؟

ـ في منطقة حفر في مصر الجديدة .. أنت خايف ليه كده .. ماااالك؟

ـ أنا خلاص هرجعلك كل فلوسكوا بس تسبني في حالي .. أرجوك

و بدأ يعيط.

ـ أنت عارف أيه دي .. عشان كده أنت خايف منها .. أيوه أنا فهمت أنا لقيتها إنهارده قدام شقتك القديمة و أحنا بنحفر هو أنت اللي دفنتها هناك صح ... رد عليااااا

ـ أنا دفنت العدسة دي من أكتر من 20 سنة و قلت أنا هربت منها .. لو أنت أستخدمت العدسة أكيد عرفت إنها بتبينلك مستقبل الحاجة اللي انت بتحط عليها العدسة .. المستقبل القريب.

ـ أيوا صح .. بس أنت برده خااااايف ليه .. فهمنيييييييييي.

ـ في طريقة واحدة بس اللي تخليك تعرف مستقبلك أنت و أنا عرفت الطريقة دي و لما عرفت مستقبلي دفنتها عشان أهرب من اللي شوفته فيها.

ـ و أيه اللي خلاك تدفنها.. شوفت أيه في مستقبلك؟

ـ هديك كل فلوسك بس سيبني في حالي أرجوك.

أنا كنت واقف بكلمه هو مرمي على الأرض و أنا واقفب جنب مراية البوفيه بتاع السفرة بالصدفة لمحت حاجة بتتحرك في العدسة و أنا واقف شدت أنتباهي، قمت رفعت العدسة أدام المرايا.



لقيت مستقبلي فعلا زي ما عمي قال .. فهمت كل حاجة و فهمت قصده لقيت نفسي في العدسة بتخانق مع واحد و بضربه و الضرب فضل رايح جاي و بعد كده رفعت العدسة و بضهرها المتسنن ده غرسته في رقبته و مات، المنظر مكنش باين فنزلت العدسة و رفعتها أدام المرايا تاني عشان المشهد يتكرر و أركز أكتر.

بعد ما كررت المشهد و فهمت كل حاجة و اتصعقت و مكنتش مصدق .. لقيت عمي قام و نط عليا و كتفني من ورا، ضهري وقعت على الأرض و قعدنا نضرب بعض ضرب غير طبيعي تقريبا ربع ساعة من الضرب المتواصل، طبعا بعد ما سرق فلوسي و كمان كان بيضربني و أنا شاكك أنه كان عايز يقتلني من ضربة العشوائي اللي كان بيضربهولي  و كمان العدسة كانت بتقول أني هقتله، بعد مل ضربنا بعض كتير لمحت العدسة مرمية تحت الكنبة وطيت جبتها و سيطرت علية فكرة إني أقتله و مشهد قتله اللي شوفته في العدسة عمال يتكرر في خيالي .. قعدت بركبي على جسمة و رفعت ضهر العدسة المتسنن عشان أنزل بيه على رقبته و أقتله بس قبلها سألته:

ـ أيه اللي شوفته في العدسة من أكتر من 20 سنة خلاك تدفنها عند بيتك البيت القديم.

ـ وقفت قدام المرايا من 20 سنة و شوفت نفسي فيها و أنا بتقتل بضهر العدسة بس مشوفتش مين اللي قتلني فكان لازم أخفيها عشان متوصلش لحد و يقتلني بيها بس إظاهر محدش يقدر يفلت منها.

ساعتها مكنش الموضوع محتاج تفكير، نزلت بالعدسة على رقبته بكل قوتي و غرستها فيها و قتلته.

و إتقبض عليا بعد كده و خدت حكم إعدام.

و أنا بكتبلك كلامي ده دلوقتي و مستني يندهولي عشان ينفذوا الإعدام.


بس أنا كاتبلك الجواب ده عشان أوصلك و أوصل لكل الناس اللي هتقرأ قصتي، إني فعلا قتلت عمي بإيدي بس أنا مكنتش عايز أقتله، أنا فعلا من جوايا مكنتش عايز أقتله أنا صدقت إن العدسة فعلا هي القدر و إني لازم أستجيب ليها و إن المستقبل واحد بس .. اللي كان في العدسة .. بس الحقيقه أن ده كان وهم .. أنا كان ممكن أختار .. بس الإستسلام لوهم الظروف اللي حوالينا في أغلب الأوقات بيقى أسهل بكتير من مشقة التفكير في الإختيار.


تمت .

الجمعة، 22 سبتمبر 2017

هناك 1




أنا ليا صديق قديم انقطعت صلتنا ببعض من زمان، بعتلي القصة دي و وعدته إني أنشرها على الصفحة بتعتي، هو كلمني و طلب من أنشرها على صفحتي و طلب مني أن أطلب منكو تعملو شير عشان اكتر عدد من الناس يعرف أنه برئ و أنه فعلا حاسس أنه ملوش ذنب في أي حاجة عملها .. نبدأ الجواب اللي بعتهولي بدون تطويل.



صاحبي معتز،

أنا بكتب بسرعة لأن مافيش قدامي وقت كتير، ممكن يندهولي في أي وقت، هتلاقي غلطات إملائية و ممكن أحكي الأحداث بدون ترتيب و بكتب بالعامية لأني مش قادر أفكر.

المهم.

أنت عارف أنا بشتغل مهندس في قسم الإنشاءات في وزارة الكهرباء، كان عندي جوبيه في مصر الجديده، كنا الصبح في أول اليوم بنحفر هناك في الأرض عشان الحكومة عايزة تنقل الكهرباء في الأرض عشان مصر الجديدة هي المنطقة الوحيدة اللي كهربتها عواميد - الحفر ده بالمناسبة كان عند بيت عمي القديم - المهم كان الحفر شغال عادي لغاية لما البلدوزر لقي و هو بيحفر حاجة صلبة إفتكرها صخرة كبيرة قعد يحفر بيها بس ما إتكسرتش، وقفنا شغل و كل العمال و المهندسين نزلو في الحفر عشان نشوف أيه ده، لقيتا صندوق حديد صغير طلعناه من الحفرة حاولنا نفتحة معرفناش فجبنه شاكوش و كسرناه، لقيتا جواه حاجة عجيبة جدا مش هتصقدقها .. عارف لقينا أيه.

عدسة مكبرة.

أه عدسة مكبرة بس مستطيلة مش مدورة و الهاند اللي بتممسك منها تقريبا من السيراميك أو العاج حاجة زي كده و متسننة من أخرها كده زي السكينة، طبعا الناس قعدت تضحك و مهتموش بالموضوع، أخدت انا العدسة و غسلتها و نظقتها و ظبتها كده – فضول- و فعلا مسكتها بإيدي و رفعتها قعدت أجربها لقتها بتقرب الحاجات جامد جدا، المهم قعدت ابص من خلالها على الناس و الحاجات اللي حواليا لغاية لما وصلت لمكان ما أنا راكن عربيتي لقيت واحد بيجري بيفتح باب العربية و بيركبها شلت العدسة بسرعة و ببص لقيت العربية زي ما هي محدش جه ناحيتها .. جربت تاني و رفعت العدسة قدامي ناحية العربية تاني لقين برده في حد بيفتح باب العربية و بيركب .. جربت كذا مرة كل مرة نفس الحاجه بس قعدت ادقق اكتر لقيت إن اللي بيركب العربية ده أنا .. لقيت نفسي أنا اللي بركب العربية و مستعجل و أنا بركبها.

عايز أقولك إني خوفت بطريقة رهيبة و قعدت أبص للعدسة و اقلبها في إيدي و مقبتش فاهم دي عدسة سحرية دي و لا أيه .. .. لسة عمال أبص فيها كده قام موبايلي رن لقتها ماما كنسلت عيها كلمتني تاني.

أيوة يا ماما

الحقني يا كمال .. الحقني يا ابني.

فيه يا ماما بتعيطي ليه

تعلالي حالا عمك نهبنا و سرق فلوسنا كلها .. تعالا دلوقتي.

طيب اهدي و أنا جي في الطريق.

قفلت معاها، جريت بسرعة على العربية فتحت الباب و ركبت و حطيت إيدي على الدركسيون .. طبعا زي ما انت فهمت كده أنا عملت نفس المشهد اللي انا شوفته في العدسة من شوية .. ركبت العربية و أنا مستعجل.

وصلت البيت و طلعت – و انا معايا العدسة في إيدية – دخلت لقيت ماما هريه نفسها من العياط، قعدت هدتها و قالتلي ايه المشكلة.

أنا أبويا مات من شهر و الحقيقة كلن سايبلنا شوية أملاك مش قليلة و كان عمي بيدير لبابا شغله زي مدير كده .. بابا كان عمله التوكي، بعد مب بابا مات عمي باع لنفسه حاجات كتير و سابلنا حاجات فتات، يعني عربيتين و فندق الزعفرانه المهجور اللي على طريق الزعفرانه و خد الباقي، هو فعلا تقريبا مسبلناش حاجه .. شغل زي بتاع الأفلام بالظبط يا معتز .. أنا مكنتش نصدق إن في كده.

حصلي حالة صدمة غريبة، سبت ماما و دخلت أوضت قفلتها و قعدت على السرير و العدسة في إيدي .. سرحت و فكرت و اتحسرت و عيطت و كل حاجة، وسط كل ده بصيت للعدسة و افكر في اللي حصل معايا و مع العدسة و موضوع العربية تقريبا مكنتش عايز افكر في اللي عمي عمله معانا قعدت العب بالعدسة ارفعها هنا و هنا، رفعتها في إتجاه الدولاب لقتها مبينالي إن ماما واقفة أدام االدولاب و فتحاه و بتطلع منه حاجة أو بتحط حاجة – مكنش واضح – نزلت العدسة جنبي و قعدت في مكاني حوالي 10 دقايق، دخلت ماماالأوضة و معاها هدوم فتحت الدولاب و بدأت ترص الهدوم في الدولاب .. و خرجت.

خرجت ماما من الأوضه .. قعدت متنح كتير مش مصدق كل اللي بيحصل حوالية .. قومت من مكاني على السرير، دخلت البلكونة و العدسة في إيدية و سرحت في أفكار كتيرة .. مبقتش عارف أعمل أيه في موضوع عمي ده نخش في قضايا و محاكم و لا أجرب معه ودي الأول، عجبتني فكرة أني أروح أتكلم معاه و قررت أروحله أتكلم معاه.. رفعت العدسة أدامي أبص للناس اللي ماشية في الشارع، يمين في شمال العدسة جت على عربيتي لقت طالع فيها نفسي و أنا بركبها، زي ما تقول بدأت أتعود على الموضوع .. نزلت العدسة و رفعتها تاني ناحية العربية لقيت نفس الكلام، شايف نفسي و أنا بركب العربية، قولت أنا أنزل أروح لعمي و أتكلم معاه و أشيل موضوع العدسة ده من دماغي شوية.



قلعت هدومي و حطتها على السريرو لبست هدوم تانيه مش عارف ليه بس قولت عشان أبقى لابس حاجة تانية غير اللي شوفتها في العدسة لم شوفت نفسي بركب العربية .. المهم و أنا خارج من الأوضة حصل حاجة غريبة لا يمكن تتخيلها.


أنتهى الجزء ده 
مع تحيات معتز حجازي

الخميس، 14 سبتمبر 2017

فطرة عين 4 .. الأخيرة



خرج إبراهام و راكي الكلب من قلب الأشجار، يسيران بجوار بعضهما، إبراهام يرتدي حقيبة ظهره معلقا بها السكيت بورد و الفأس الخاص براكي الذي طلب من إبراهام أن يحمله .. خرجا من قلب الغابة الصغيرة وجد إبراهام نفسه على قارعة طريق اسفلتي ممهد للسيارات، إتجها سويا يسيران بمحاذا الطريق فسأل إبراهام راكي:

ــــ أمن الأن لن أقدر على سماعك يا راكي؟

لم يسمع رد من راكي ثم بعد برهة سمع بعض الكلمات المتقطعة كمحطة راديو ضعيفة الإرسال :

ـــ خرجنا .. نطاق .. المدى.

أدرك إبراهام إنه لن يسمع راكي ثانية، فسار في صمت .. بعد بضعة دقائق وجد على يمين الطريق ماركت صغير أو مكان لبيع بعض الأشياء الضرورية و عمل مشروبات ساخنة و هكذا فقال لراكي:

ــــ ما رأيك أن نشتري بعض الطعام للطريق لأننا سنسير كثيرا و أحتسي بعض القهوة الساخنة.

توقف راكي في مكانه، نظر إبراهام له في تساؤل قائلا:

ــــ ماذا بك يا راكي لماذا توقفت، سنشتري بعض الأشياء سريعا و نكمل بعد ذلك دون توقف.

نبح راكي على إبراهام دون أن يبرح مكانه.

فقال له إبراهام:

ـــ حسنا إنتظرني هنا سأشتري بعض أشياء سريعا و آتي .. لا تتحرك من هنا.

هرول إبراهام داخلا هذا الماركت الصغير، إبتاع بعض التسالي و الطعام و أضاف بعض السكر لقهوته التي تبدو رديئة ثم دفع المال و خرج سريعا و هو يبحث بعينيه عن راكي قائلا:

ـ لم أتأخر

لم يجد راكي في مكانه فبحث بعينيه يمينا و يسارا فوجده .. وجد عربة ريع نقل صغيرة تقف عند بداية الطريق الممهد و هناك من ربط راكي بطوق عند رقبته و يقف في الجزء الخلفي للسيارة النقل و يجر راكي من رقبته ليجبره على الصعود .. فزع إبراهام فألقى ما في يديه و جري ناحية السيارة و هو ينادي:

ـــ هاااااي .. أنت .. توقف .. هذا الكلب لي.

أجبر هذا الرجل راكي على الصعود ثم أخذ يضرب بيديه بقوة على سطح السيارة ليتحرك سائق السيارة سريعا و بالفعل تحركت السيارة قبل لحيظات من وصول إبراهام لهم، قفز إبراهام قفزة كبيرة لعله يمسك بطرف السيارة او أي جزء منها و لكن السيارة كانت أسرع من قفزته فسقط أرضا تدحرج سريعا ثم قام و هو يكمل جريه خلف السيارة بسرعة تستحق الإنبهار ثم واتته فكرة وضعه قيد التنفيذ مباشرة حيث نزع الأسكيت بورد من حقيبة ظهرة و قذفة أمامه بعيدا ثم بقفزة خفيفة وقف عليه و هو يضرب الأرض بقدمية بسرعة مرات متتالية و بالفعل بدأ يقترب من السيارة التي تحمل راكي، بحث بعينيه عن راكي وجده جالسا مستسلما في الصندوق الخلفي مع خاطفه إلى أن راكي لمحه وقف ينبح عليه كأنه فرح أنه لم يتركه، مسكه الخاطف راكي من جسده و أخذ يضرب سطح السيارة ليسرع السائق من سرعة السيارة و لكن كان هناك منحني خطير يتطلب تهدئة سرعة السيارة و بالفعل أبطأ قليلا و هو يأخذ هذا المنحنى مما أدي أن الجزء الأيسر من السيارة بدأ في الإرتفاع قليلا عن الأرض، هنا أخرج إبراهام الفأس من حقيبة ظهره و كأنه يخرج سيفة كفارس من العصور الوسطى و هو على نفس سرعته على الأسكيت بورد و مع بطئ السيارة لأخذ المنحنى ببطئ أقترب للغاية من السيارة و رفع الفأس لأعلى ليقذف به الرجل الممسك براكي و لكن الرجل خاف أن يصيبة هذا الفأس فترك راكي و هو يحمي وجهه بذراعيه فأستغل راكي أن الرجل تركه فقفز من السيارة فأصطدم بإبراهام فسقطا هما الإثنان أرضا و تدحرجا سويا و أبتعدت السيارة مكملة طريقها.

قام إبراهام بنصفه الأعلى و هو ينهج بقوة و ينظر للسيارة المبتعدة ثم نظر لراكي الراقد أرضا بدون حركة فذهب إليه زاحفا قائلا:

ـــ راكي .. أأنت بخير؟

و عند إقترابه من راكي وقف راكي على قدمية فأمسكه إبراهام من وجهه ليطمأن عليه فوجده ينهج هو الأخر بقوة نظر لعينيه في محاولة منه أن يستشف أي شئ أو يفهم أي شئ و لكنه لم يقدر أن يفهم شيئا فتركه و جلس يستريح فلم يقم بمجهود بدني بهذه القوة منذ زمن .. مرت بضع دقائق و هو إبراهام يأخذ شهيق و زفير حتى هدأ تماما ثم وقف و نظر لراكي قائلا :

ـــ لقد أضعنا كثير من الوقت و أنا أريد أن أصل للوتربرنن لتفهمني كل شئ.

نزع الحقيبة من على ظهره و أفرغ كل محتوياتها ثم ثبت االفأس في مكانه على الشنطة بشريط لاصق قوي ثم حمل راكي من تحت إبطيه كلأطفال و وضعه داخل الحقيبة حتى لم يعد يظهر منه غير رأسه و ذراعيه ثم أرتدى الحقيبة التي بداخلها راكي و وضع الأسكيت بورد أرضا ثم وضع سماعات الأذن المتصلة بتليفونه الخاص ليسمع أغنيه المفضله .. و قال:

ــــ أمسك رقبتي جيدا يا راكي.

لف راكي ذراعيه حول رقبة إبراهام ثم .. إنطلق إبراهام .

يضرب الأرض بقدميه لينطلق بالأسكيت بورد ينهم الأرض بسرعة خاصة أن معظم الطريق كان يتجه لأسفل فكان يزيد من سرعته و الهواء يرتطم بوجهه هو و راكي بقوة و عندما يصعد الطريق لأعلي يمسك في إحدى الشاحنات الماره لتساعده على الصعود بسرعة .. ظل على هذا الحال قرابة الساعة و نصف حتى لاح له شلال لوتربرنن الشهير في الافق ، فتوقف و نزل من على البورد ثم ضربه بقدميه ليرتفع و يلتقطه بيديه و يثبته على ظهر الحقيبة ، نزع سمعات أذنيه، بدأ يسير مع الطريق حتى يصل للشلال .. أحس بحركة قوية في الحقيبة ثم قفز راكي أرضا و نظر لإبراهام و سار في إتجاه معين حتى يمشي إبراهام خلفه .. سار خلفه إبراهام حتى منطقة بيوت مهجورة ثم سمع راكي و هو يتوقف ناظرا لإبراهم:

ــــ أشكرك كثيرا على حرصك على تخليصي من يد هؤلاء.

توقف إبراهام و نظر لراكي و كأنه يراه لأول مرة .. فإحساسه به و هو يتكلم غير و هو صامت مثل باقي الكلاب العادية فرد عليه:

ــــ أهلا بعودتك يا راكي .. لقد أفتقدك حقا

ــــ إنني حقا في غاية الإمتنان لما فعلته من أجلي.

ــــ من هؤلاء يا راكي و هل هذا سبب إعطائك هذا الفأس لي؟

ـــــ لا هذا ليس سبب حملك للفأس لي .. و لكن هناك بعض الأناس الذين يريدون صيدي لأنني نوع نادر من ما تسمونه الكلاب ثم يبعوني بثمن غال و هذه ليست المحاولة الأولي لهم.

ـــــ ألهذا لم تكن تريدني أن أدخل هذا المكان؟

ــــ لم أكن أعلم أنهم موجدون و إنما كنت أفضل أن نكمل سيرا على أن نقف في مكان لا نعرف أن نتواصل فيه سويا .. دعنا نكمل سيرنا و نحن نتكلم.

سارا بجوار بعضهم ، يمشون وسط البيوت المهجورة فسأل إبراهام:

ــــ لماذا البيوت مهجورة في هذه المنطقة؟

رد راكي :

ــــ منطقة المدى التي تسمعني داخلها تزيد مساحتها من حين لأخر و مؤخرا زادت حتى شملت هذه المنطقة التي نسير فيا الآن و بالتالي الناس بدأت تسمع الحيوانات و هي تتكلم من حولها و لكنهم لم يفسروا أننا الذين نتكلم و لكنهم إعتقدوا أن هناك جن أو أرواح في المكان فتركوه و رحلوا.

هز إبراهام رأسه متفهما ثم أكملا السير .. يصعدان الجبل الذي ينزل منه الشلال و كانت من اللحظات الجميلة في حياته أن يصعد جبل أخضر و بجواره شلال ينسال في هدوء رقيق، و يرافقه كلب يتحدث إليه في مواضيع لم تخطر بباله قبلا.

(هل تعلم يا مستر مايكل؟)

قاطع راكي أفكار إبراهام بهذا السؤال فإنتفض و هو يرد على راكي قائلا:

ــــ ماذا يا راكي.

ـــــ رغم مقتي لكم في العموم ألا ان هناك تصرف تفعلونه دائما ما يثير إنتباهي و أعجابي في ذات الوقت.

ـــــ ما هو هذا الفعل.

ـــــ عندما تترك روح أحد منكم جسده .. فتدفونه.

إبراهام: أهذا هو التصرف الذي يثير إعجاك؟

ــــ إنه في إعتقادي التصرف الوحيد الذي يفرق بيننا و بينكم.

عقد إبراهام حاجبيه و هو يرد:

ــــ و لماذا لا تفعلون مثلنا و نصبح متساوين.

رد راكي:

ـــــ فلنقف ف مكاننا هذا و سأرد عليك لاحقا و لكن أنظر.

كانا و صلا عند قمة جبل الشلال، يقفون بجوار فرع نهر الذي نهايته هذا الشلال، وقف إبراهام مذهولا من جمال المنظر الذي يقف بين يديه، وقف مسحورا أمام هذه اللوحة يحاول أن يتبين تفاصيلها ثم جلس أرضا عند حافة الجبل المتاقبلة مع بداية الشلال ثم جلس بجوارة راكي و أكمل كلامه:

ــــــ نحن لا نفعل مثلكم يا مستر مايكل لإننا لم نفطر عليه، هل عمرك شاهدت كلب يحفر قبرا لأخيه الكلب ثم يدفنه؟

بحث إبراهام بعقله سريعا في ذاكراته عن مشهد كهذا و لكنه لم يجد فرد:

ـــــ في الحقيقة لا.

ـــــ أكيد لا .. و لكننا نملك ميزة لا تملكونها أنتم البشر؟

ـــــ ما هي ؟؟؟

ـــــ إننا نعلم متى سنموت و لكن قبل ميعاد موتنا بقليل.

ذهل إبراهام من ما يقول راكي و سأله:

ــــ و لكن لماذا وهبتوا هذا الميزه يا راكي؟

ـــــ الأمر واضح .. أنه نفس السبب الذي بسببه لا تعلمون متي ستموتون؟

عقد إبراهام حاجبيه و قال:

ـــ و ما هو هذا الأمر؟!!!

رد راكي قائلا:

ـــــ لإنكم مخيرون بالطبع ، لابد أن لا تعلموا متى ستموتون .. وإلا ما الفائدة؟؟

فكر قليلا إبراهام ثم سأل راكي:

ـــ و هل يشكل فارقا لكم أن تعلموا متي ستموتون.

ــــ الإجابه في سؤالك مستر مايكل .. لا يشكل هذا فارقا لذلك ما المانع أن نعلم قبلها .. على الأقل أجد مكان مناسب أموت فيه.

ــــ لذلك أنت معجب بدفننا لبعضنا البعض و تراه أنه الذي يفرق بيننا؟

رد راكي بصوت متأثرا:

ــــ بالضبط .. أنه التصرف الحضاري الوحيد الذين تقومون به و مازال يذكركم بإنسانيتكم.

نظر إبراهام لراكى نظر طويلة و هو يفكر فيما قال له هذا الكلب الجالس بجوارة أرضا.

نزع الحقيبة المعلق بها البورد و الفأس و وضعها أرضا.

سرح إبراهام بأفكاره أمام الشلال.. هل هذا التصرف هو الشئ الوحيد الذي يفرق بيننا و بين الحيوانات؟ .. هل الإنسان يدفن بعضه لنتذكر إنسانيتنا و نتذكر إننا مخيرين في هذه الحياة .. هل لو الإنسان علم بميعاد موته كان سيحتاج من يداريه تحت الأرض أم سيعد هذه العدة لنفسه مسبقا .. لماذا هذا الإهتمام بالبدن من الأصل .. سواء من جانبنا أو من جانب حيوان كهذا.

ثم خطر على بال إبراهام سؤال ، فسأل راكي:

ــــ و هل علمت بميعاد موتك يا راكي؟

نظر لراكي الراقد بجواره أرضا منتظرا أن يحيبه و لكنه لم يرد فكرر:

ــــ أتسمعني يا راكي .. راكي .. راكي.

قام إبراهام من جلسته و إقتترب من راكي و يهزه بيديه قائلا:

ــــ راكي .. هلا أنت نائم ؟

أخذ يهزه إلى أن قلبه على ظهره و وجده مغمض العينين وبدون حراك .. فزع إبراهام و رجع للخلف و علم إن هذا الكلب قد مات.

وقف مدهوشا لا يعلم ماذا يفعل ينظر للشلال ثم ينظر لراكي ثم ينظر للشلال ثم ينظر لراكي و يلتفت حوله يبحث عن شئ لا يعرف ما هو.

ما الذي يحدث ؟

ماذا علي أن أفعل الآن؟

أأتركه الآن؟

أذهب؟

لقد إرتبط بهذا الكلب كثيرا .. لقد شغلته دنيا الأعمال و نسى أنه مازال يملك هذه المشاعر ، لقد ود لو أصطحبة معه في حياته، لقد قارب الكلام بينهم كثيرا و سريعا،حتى شعر أنه يشى مع صديق له و ليس مجرد حيوان أليف يشتهر بالوفاء، لقد كان يعلم راكي انه سيموت حتما ويهئ له أنه أراد أن يموت في هذا المكان.

أنسحبت الدموع من عين إبراهام دون علمه.

نظر للكلب نظرة أخيرة ثم مد يديه ليلتقط حقيبته و هو مايزال ناظرا لراكي الميت و الدموع ماتزال منسابة من عينيه، فأمسك الفأس المثبت فى ظهر الحقيبة و عندما مسكه .. إنتفض و إتسعت عيناه.

لقد فهم الآن.

هذا الفأس.

و لماذا حمله معه طيلة الرحلة؟

فهم الحديث الغامض بين راكي و بين العم (سام).

حديث راكي الذي كان يتسم دائما بحكمة شخص مقبل على الموت.

فهم الجملة الذي قالها راكي له ( إن ما سأطلبه منك شئ يسير و عادي و تفعلونه منذ بدء خليقتكم).

حديث الموت الأخير الذي دار بينه و بين راكي.

فهم لماذا لجئ لبني آدم.

فهم الآن لماذا فعل كل هذا.

فهم الآن ماذا كان يريد.

فهم ماذا كان سيطلب منه.

أمسك الفأس بقبضتية بقوة.

ثم بدأ الحفر.


إنتهت القصة
مع تحيات .. معتز حجازي
إنتظروني في القصة القادمة قريبا

المعسكر 6 .. الأخيرة

قرب نهاية الليل و قبل بزوغ الشمس بحوالي ساعتين و أكثر .. وقفت الفصيلة على شكل طوابير منتظمة الشكل في أبعد أركان باحة مركز التدريب، متكوم ...