الجمعة، 18 أغسطس 2017

فطرة عين 3





أحضر إبراهام بعض الأشياء التي رأها لازمة في شنطة ظهر كبيرة من التي تلائم التخييم و السفر لعدة أيام و ربط فيها لوح التزلج الخاص به (سكيت بورد)، ثم وضعها على ظهره و أرتدى حذاءه ثم ترك غرفته و ذهب لراكي في نفس المكان الذي تركه فيه منذ قليل بعد أن قرر أن يخوض تجربة جديدة و مختلفة .. رحلة مع كلب يتكلم لغته.

سارا سويا جنبا إلى جنب ثم سمع إبراهام صوت راكي يقول:

ــــ مسافة الرحلة حوالي 12 كيلو متر من هنا حتى لوتربرنن المكان الذي نقصده، سوف نتخذ الطريق الذي يمر داخل حدود المدى حتى تظل تسمعني طوال الطريق.

صمت إبراهام لبرهة ثم رد:

ــــ فكرة سديدة، يثيريني الفضول لأعلم ما الخدمة الي تريدها مني.

ــــ الفضول دائما محرك لكم في كثير من المواقف و يجعل الصبر من الشيم التي من الصعب التحلي بها.

ــــ راكي طريقتك في الكلام تجعلني أشعر إنني تلميذ يسير مع أستاذه.

قفز راكي فوق أحد الصخور ثم قال:

ــــ لا تقل ذلك مستر مايكل فنحن هنا لأجلكم و لخدمتكم.

عقد إبراهام حاجبيه قائلا:

ــــ أتقصد الغاية الأصلية من وجودكم كحيوانات في هذا الكون.

ــــ بالضبط مستر مايكل .. نخن وجدنا فقط لنخدم بني جنسكم

ــــ و كيف علمت أنت هذه المعلومة.

نزل راكي من فوق الصخرة مكملا سيرة قائلا:

ـــ نحن لا نعلم شيئا و لكننا نولد بها .. في فطرتنا ، فنحن ليس مثلكم.

نظر راكي لإبراهام و قال:

ـــ نحن مسيرين .. فلا بد أن نولد بالمعلومات التي تمكننا من العيش.

رد إبراهام:

ــــ إذا أنت تولد و أنت تعلم إنك هنا فقط لتخدمنا .. و إن كان هذا شئ يضايقك لماذا لا تفعل شيئا أخر.

ـــ ألم تسمعني مستر مايكل أنا كائن مسير، إختياراتي معروفة و محدودة في نطاق معين يهدف إلي نتيجة واحدة و هي خدمتكم سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشر.

ــــ و هل هذا شئ يسعدكم؟

ــــ السعادة شعور .. رفاهية معدومة لا نطمح إليها و الجميع يعلم ذلك ما عدا قلة قلية تكاد لا تذكر.

ــــ و ما بهم هؤلاء القلة القليلة .

ــــ كانوا مثل الجميع مستسلمين لدورهم و راضيين به و لكن بنظرة سريعة إكتشفوا إنكم جنس لا يستحق الخدمة.

ــــ و من هؤلاء و هل نعرفهم؟

ــــ أنتم سميتموهم .. مسعورين، كل منهم ببعض المراقبة البسيطة لأفعالكم يصل لنتيجة إنكم قوم همج و يتغير عليكم، بعد ذلك تسموهم مسعورين و هم ليسوا كذلك، في حقيقة الأمر إنخدعوا في مظهركم البرئ.

وقف إبراهام ينظر لراكي و قد بدأ ينتابه بعض الخوف .. و قف راكي بدورة ثم قال:

ــــ لا تخف مستر مايكل فأنا فقط أدرك الواقع و لا أتعامل معه .. و لتطمئن أكثر أنا أميل عادة للإناث منكم.

إبتسم إبراهام و بدءا يتحركا سويا مرة ثانية ثم سأل راكي:

ـــ و لماذا تميل للإناث يا راكي؟

ـــ شكلهم أجمل جلدهم أنعم إنفعالاتهم أصدق أنانيتهم أقل .. أو هذا ما إحتككت به في حياتي.

ـــ و هل نحن في العموم قوم أناني لكي تكون الإناث فقط أنانيتهم أقل؟

راكي: مستر مايكل هل لديك شك في ذلك .. الأنثى من بني جنسكم تخلق بإنانية أقل على الفطرة، يكفي إنها مجبرة أن تحمل في بطنها أخرين منكم فهي في هذه النقطة مثلنا مجبرة على الألم و مجبرة أن تحبه .. لذلك هي أقل أنانية .. هل فهمت؟

سأله إبراهام و هو ينظر من حوله للجبال بمنظرها الذي لا يصدق:

ــــ و كيف توصلت بآننا في العموم أنانيين؟

رد عليه راكي:

ــــ و هل تهتمون بشئ غير أنفسكم .. إن بعض منكم لا يهتم بالبعض الاخر منكم، فأنتم أنانين مع أنفسكم فمبالك بمخلوقات أخرى.

نظر إبراهام لراكي مفكرا ثم قال:

ـــ أنت على صواب و يبدو إنك تعلم الكثير فعلا.

سارا في صمت سويا قليل من الوقت و لكن إبراهم قاطع هذها الصمت و قال:

ـــ و هل كما يخفي عليكم كثير من الامور بحكم إنكم مسيرين هل هناك أمور تعلموها لا نعلمها نحن؟

أومأ راكي برأسه و قال:

ـــ بالطبع.

ـــ إذا.. هل نهاية الأض إقتربت؟

ــــ بالتأكيد إقتربت ..لا أعلم متي .. و لكن أفعالكم تعجل بها.

ـــ إذا أنت لا تعلم إذا كانت إقتربت أو لا.

ـــ لا .. لا أعلم.

ـــ و ما الذي تعلموه و لا نعلمه نحن.

نظر راكي لإبراهام و هم يسران سويا و قال:

ــ أمور لن تفهمها حتما كما نحن لا نفهم أموروكم.

توقف الحديث مرة أخرى و لكن هذه المرة الصمت طال، فأخرج إبراهام سماعات الخاصة بالموبايل و أوصله بالموبايل و وضع السمعات في أذنيه ثم بدأ يسمع بعض من الموسيقى المفضلة إليه و هو ينظر للمناظر الأخاذة من حوله ثم بدأ بالإندماج مع الموسيقى و هو يتقافز هنا و هناك .. يقف و يبسط ذراعيه و يغمض عينيه يستنشق هواء بارد نقي، ثم يبدأ بالحركة مرة أخرى مع انغام الموسيقى حتى بدأ يرى أطراف بحيرة ما خلف الجبل فأسرع الخطى و هو يشير لراكي بيديه أن يسرع الخطى هو الأخر، وصل إبراهام لأطراف البحيرة النقية و هي في أحضان الجبل ينظر إليها تارة و يغمض عينيه تارة أخرى ثم أحس ببعض النبضات عند قدميه في الأسفل فخلع السماعات من أذنيه و نظر للأسفل ليستكشف مصدر هذه النبضات فوجد كابوريا (سلطعون).

نعم كابوريا.

واقفة ممسكة في أطراف البنطلون بمخالبها و بلا إرادة منه قال:

ـــ ماذا تفعلين في سروالي.

فرد عليه صوت رفيع للغاية قائلا:

ــــ أنت من إعترضت طريقي .. هيا إبتعد.

تركت الكابوريا سرواله و وقفت تحرك مخالب يدها يمينا و شمالا و تغلقهم و تفتحهم، فنزل إبراهام القرفصاء أمام الكبوريا و قال:

ــــ و لماذا أبتعد انا فلتلفي من حولي و تكملي طريقك.

الكابوريا: تقتحم مكاني و أيضا تملي علي ما أفعله .. متغطرس و أناني كمثل بني جنسك كلهم، أرجوك إبتعد من أمامي.

و نظرا لأنه موقف غير متوقع تماما فرجع إبراههام خطوتان للخلف و أفسح الطريق أمام الكابوريا (السلطعون) لتمر ثم سمع صوت راكي ينادي:

ـــ لا تغضبي يا (سارا) ، فأنه ضيف و لا يعرف ما عليه فعله.

كان قد وصل راكي بجانب إبراهام أمام البحيرة و قال له:

ــــ لا تغضب منها فإنها حامل و تكون السلطعون حادة الطباع في هذه الفترة.

نظر إبراهام نظرة خاوية لراكي غير مصدق ان هذا يحدث بالفعل و يسمع هذا الكلام، ثم نظر للبحيرة و هو صامت و راكي ينظر للبحيرة هو الأخر .. ثم سمع صوت أجش للغاية آتي من خلفة يتكلم ببطء يقول:

ــــ أهذا ضيفك يا راكي؟

ألتفت كل من إبراهام و راكي للصوت، فوجدوا سلحفاة ضخمة للغاية و غريبة الشكل، ذو رقبة طويلة للغاية .. إقتربت السلحفاة منهم ببطئ شديد حتى اقتربت منهم و أصبح و جهها في وجهه إبراهام مباشرة .. فقال له إبراهام:

ـــ أتتكلم أنت أيضا مثلهم؟

سمع صوت السلحفاة الأجش قائلا:

ـــ ألم يخبرك راكي إننا جميعا هنا نتكلم مادمنا في حدود المدى.

ــــ في الحقيقة أنه أخبرني و لكنني لم أستوعب بعد.

وجهت السلحفاة الضخمة وجهها لراكي و قال:

ـــ أمازالت مصرا على ما في رأسك يا راكي؟

رد راكي:

ــ نعم يا عم (سام)، و لقد إنتهينا من الموضوع و تحدثنا فيه مرارا و تكرارا.

أستطرد العم سام قائلا:

ـــ أعلم ذلك يا راكي .. وهل هذا ابن ادم الذي سيساعدك؟

ــــ نعم هو.

قاطعهم إبراهام في حدة قائلا:

ــــ عن ماذا تتحدثان و في ماذا سأساعدك يا راكي لا أفهم.

رد عليه راكي:

ـــ لا تقلق مستر مايكل إن ما سأطلبه منك شئ يسير و عادي و تفعلونه منذ بدء خليقتكم و تأكد إنني لن أحملك أكبر من طاقتك، و لكن لابد أن أطلبه في حينه.

سار راكي مبتعدا عن إبراهام و هذا العم سام لينهي مناقشة لا يريدها و قال:

ـــ حسنا هيا بنا نكمل سيرنا.

فهم إبراهام أن عليه أن يتبع راكي فأشار للعم سام قائلا:

ــــ وداعا يا عم سام.

خيل لإبراهام إن السلحفاة تبتسم له فنظر للكلب و هما يسيران سويا مبتعدين عن البحيرة و قال:

ـــ هل رأيت تلك السلحفاة و هي تبتسم لي .. أم إنني أتوهم؟

رد راكي في هدوء:

ـــ لا أنت لا تتوهم إنه إبتسم لك بالفعل، فالعم سام هو الوحيد بيننا الذي يقدر أن يبتسم مثلكم.

ــــ و كيف يقدر على فعل ذلك؟

ــــ العم سام قارب الأربعمائة عام و عاشر منكم الكثير و يعرف عنكم أكثر، لذلك بحكم سنة يقدر على الإبتسام الطفيف الذي رأيته.

هز إبراهام رأسه متفهما و سارا جنب إلي جنب مبتعدين عن البحيرة متجهين لمنطقة غابة صغيرة كثيفة الأشجار، دخلا سويا لمنطقة الأشجار ثم سأل إبراهام راكي:

ـــ إلي أين نحن ذاهبان؟

رد راكي:

ــــ سنخرج من هذه الغابة الصغيرة على الطريق مباشرة الذي سيوصلنا للوتربرنن، أكثر الأماكن الساحرة التي ستقع عليها عينيك في حياتك كلها .. و لكن هذا الطريق الذي سنصل إليه و سنقطعه، خارج حدود المدي لذى لن يكون لدينا الإمكانية أن نتكلم سويا، فمن هنا سأشرح لك كيف و في أي إتجاه سنسير و حين نصل للوتربرنن سيكون بإمكانك أن تسمعني مجددا.

ــــ حسنا أشرح لي.

ــــ عندما سنخرج على الطريق الان نكون إختصرنا نصفة لنصل للوتربرنن، و ستجد بعض المنازل و الحانات المترامية أمام الجبال لأن هذا الطريق كله بين الجبال الخضراء.

ـــ و هل هناك علامة مميزة عند وصولنا لوتربرنن؟

ــــ بالتأكيد، أما أن تنتظر سماع صوتي أو عندما تجد شلال لوتربرنن الشهير.. و الآن قف هنا إنتظرني للحظة.

وقف إبراهام و سأله قائلا:

ــــ ماذا هناك يا راكي.

تابع إبراهام الكلب بعينيه، وجده إختفى خلف شجرة ضخمة ثم سمع صوت بعض الجلبة المختلطة بأصوات أوراق الشجر المهشمة ثم وجد الكلب راكي يخرج بقدمية الخلفيتين ببطء من خلف الشجرة و كأنه يجر شيئا ما، إلى أن إتضحت الصورة و وجده بالفعل يخرج من خلف الشجرة و هو يجر فأس بفمه.

نعم فأس.

و أخذ يشده بصعوبة شديده حتى وقف راكي أمام إبراهام و قال له:

ـــ هل من الممكن أن تحمل معك هذا الفأس في رحلتنا.


تحيرت عينا إبراهام بين راكي و الفأس و هو مذهول مفكرا، ما قصة هذا الفأس و ما قيمته لكلب مثل راكي .. لقد ازداد ما يمر به غموضا و لا يقدر أن يقرر أن يكمل مع راكي الرحلة أم لا.



انتهى الجزء الثالث
مع تحياتي ... معتز حجازي

الأربعاء، 2 أغسطس 2017

فطرة عين 2





ظل الكلب واقفا، و الشاب يقترب و يقترب حتى وصل أمام الكلب مباشرة نزل على ركبتيه القرفصاء حتى أصبحت عينيه في عيني الكلب، مد يده ببطء ليلتقط حذاءه التقطه، قام من قرفصائه يمسك حذائه و ينظر للكلب ثم سمع صوت أجش يقول :

ــــ أهلا بك في بلادنا.

التفت خلفه مفزوعا و لكنه لم يجد شيئا، رجع ينظر للكلب مرة ثانية ثم سمع نفس الصوت ثانية:

ـــــ لا تفزع .. أنه أنا (راكى). و اتسعت عينا الزائر حتى باتت عينيه تخرج من محجريهما و رجع للخلف في توتر حتى سقط على ظهرة من هول المفأجأة.

أدار الشاب رأسه يمينا و يسارا باحثا عن مصدر الصوت لم يجد شيئا، نظر للكلب الجالس أمامه فوجد الكلب ينبح .. نعم ينبح، قام الشاب من سقطته و أقترب من الكلب بخطوات بطيئة، ثم اقترب أكثر فسمع نفس الصوت ثانية يقول:

ــــ لا ترجع للخلف عندما تسمعني حتى لا تخرج من حدود المدي.

نظر الشاب خلفه مرة ثانية و هو يحاول أن يتماسك و لكن لم يجد شيئا أدار رأسه للكلب ثم سمع:

ــــ نعم .. أنه أنا الكلب الذي يتحدث إليك.

تابع نفس الصوت:

ـــــ عندما ترجع للخلف تخرج من حدود المدى و لن تسمعني، فإذا أردت أن تسمعني فإما أن تتقدم أو تظل مكانك و كن متأكدا أنه أنا الذي يتحدث إليك و ليس أحدا أخر.

نطق الشاب ببطء غير مصدق ما هو فيه:

ـــــ ما أنت.

الكلب مازال على نفس الهيئة و لسانة متدلدلا، ثم الصوت:

ـــــ أنا أسمي راكي، أو كما تسموننا أنا نوع من أنواع الكلاب شديدية الندرة.

جلس الشاب القرفصاء أمام الكلب متمعنا ملامحة ثم قال:

ـــــ كيف أسمع هذا الصوت و ما هو مصدره.

ــــ أنت لا تسمعني بأذنيك و لكننا نتبادل الحديث بعقلينا، فنحن معشر الحيوانات لا نملك أحبال صوتية مرنة كأحبالكم تمكننا من الحديث.

فكر الشاب دون أن يتكلم في أن يدخل الكلب لسانه داخل فمه، ثم بالفعل أدخل الكلب لسانة و أغلق فمة .. ثم فكر الشاب أنه يقول للكلب أن يقف وبالفعل وقف الكلب مكانة على قدمية الخلفية .. تعجب الشاب للغاية رافضا أن يصدق أن يكون هو الكلب من يتكلم بالفعل و العجيب أكثر أنهم يتحدثوا عن طريق عقليهما، قام الشاب من قرفصائه و هو و الكلب ينظران لبعضهما ثم سمعة يقول:

ــــ أنا راكي، ما أسمك يا ابن أدم؟

نطق الشاب ببطئ هادئ:

ـــــ إبراهام .. إبراهام مايكل، صاحب شركة ...

قاطعة صوت الكلب بحدة:

ــــ مستر مايكل أنا طلبت أن أعرف أسمك فقط.

نظر أبراهام للكلب الذي قام من جلسته و بدأ يتحرك يمينا و يسارا ثم قال له:

ــــ ما نوعك يا راكي؟

ــــ قل لي أنت ما نوعك؟

تعجب إبراهام من سؤاله و رد قائلا:

ــــ ماذا تقصد أنا بشر.

ــــ و أنا حيوان، مسألة الأنواع و الفصائل هذه أشياء صنعتموها لأنفسكم و ليس لنا.

قطب إبراهام حاجبية و قال:

ــــ أكلب فيلسوف أنت؟

ــــــ أنا كلب شيخ هرم بي العمر و عاشرت الكثير من بني جنسكم و أعرف عنكم الكثير.

سكت إبراهام برهو و هو يحك رأسه بيديه و هو يفكر:

ـــــ قل لي يا راكي كيف أتحدث أنا و أنت الأن.

ـــــ نحن نقف الأن داخل منطقة المدي نحن نسميها كذلك، كل شئ في هذه المنطقة غير طبيعي، تعتبر منطقة محظورة حتى انه لا يأتي البشر في غرفتك التي أستأجرتها هذه كثيرا لسمعتها المرعبة، فأنت تسمعني الآن و لديك القدرة أن تسمع أي حيوان أو كائن داخل المدى، و للعلم لن تقدر أن تصور أي شئ هنا ستصبح كل الصور مهتزة و غير واضحة.

أخرج إبراهام موبايلة الخاص و صور الجبل من أمامه و لكنه وجد الصورة بالفعل مهتزة و غير واضحة تماما، ثم أكمل صوت الكلب:

ـــــ أنت هنا رجعت للفطرة، لا معنى للآت الخاصة بكم تماما ... في هذه المنطقة أنت آدم الأول ... إذا كنت تريد إجابة لأسئلتك لماذا تسمعني و أسمعك تفهمنى و أفهمك فهذه أسئلة ليس لها إجابة عندي.

سئل إبراهام الكلب و هو ينظر في عينيه :

ــــ من أين تعلمت الأنجليزية يا راكي.

ــــ أنا لا أعلم الإنجليزية و لا غيرها و لكن ما تسمعه مني هي أفكاري و عقلك هو ما يترجمها للغته المفهومة لديه.

ـــــ أتقصد إنني إذا كنت أتحدث أي لغة أخرى سأفهمها مثل الإيطالية أو الألمانية؟

ـــــ بالضبط.

قام إبراهام من أمام الكلب يفكر فيما يحدث ويتحرك جيئا و إيابا ثم إلتفت للكلب و قال:

ــــ حسنا و إن صدقت ما يحدث الآن .. أتريد مني شيئا؟

ـــــ هذا سؤال جيد ينم عن عقل متفتح ... أنا أعلم إن البشر يأتون لهذا المكان للأستجمام و الراحة و الإسترخاء و لكنني أعرض عليك بعض النشاط، سوف أخذك في رحلة في قلب طبيعتنا فتقضي وقتا ممتعا أكثر مما تتخيل و بالطبع تحظى بلإسترخاء الذي كنت تنشده .. ما رأيك ؟

ـــــ أحس إنني أفقد صوابي إنني أدير هذا الحوار معك و لكن هناك سؤال من البديهي أن أسئله في مثل هذه المواقف ... لا أعلم إن كنت تعلم ذلك أم لا.

ـــــ إسئل ما شئت.

ـــــ هذه الرحلة التي تتحدث عنها .. نطير ماذا؟

ـــــ نظير خدمة.

في تعجب كبير قال إبراهام قال:

ــــ خدمة؟!!!!! ... لك؟

ـــــ نعم أكيد

ـــــ ما هو نوع الخدمة التي من الممكن أن تطلبها من بشري مثلي، أن أحضر لك بعض العظام مثلا؟

ــــ لا ليس عظام، أنا أعلم جيدا أن الخدمة التي أريدها منك إنك قادر على تنفيذها جيدا أنت أو أي بشري آخر.

ــــ و ما هي هذه الخدمة؟

ـــــ في الحقيقة أنا أفضل أن أقولها في الوقت المناسب و ليس الآن.

و قف إبراهام ينظر للكلب مصدوما، لا يعلم ماذا يفعل حيال هذا الموقف الغريب و لكن راكي قاطع أفكاره قائلا:

ــــ لا تشك للحظة إنني أخدعك في أي شئ.

رد إبراهام:

ــــ لماذا لا أشك؟

ـــــ أنا كلب مستر إبراهام هذه الأشياء لم تخلق لأمثالنا فأنا لا أعرف أشياكم من كذب و خداع و خيانة.

فكر إبراهام أن كلام الكلب صحيح بالفعل و لكن قلبه مازال ليس مطمئنا فقال:

ــــ و ما الذي يجبرني على موافقتك في الذهاب معك.

ــــ مستر مايكل أنت تتعامل معي بمنطقكم البشري، و أنا لا أجبرك على شئ .. أنت أتيت إلى تلك البلاد لترى الجمال و أنا أقول لك تعال معي لأريك الجمال الحق لإنك من غرفتك هذه لن تري شيئا يستحق الذكر، فأنت لن تعرف مكانا أكثر من قاطنيه و إذا وافقت و أتيت معي سأطلب منك خدمة تسديها لي في الوقت المناسب .. هذا كل ما هنالك، فكر مليا و أنا سأنتظرك هنا و إذا اردت، جهز ما تحتاجه و تعال لنبدا رحلتنا القصيرة.

و قف إبراهام ينظر لراكي يفكر هل يستسلم لهذا الجنون و يسير في أمانه هذا الكلب أم يتجاهل ما يحدث أمامه من غرائب.


إنتهى الجزء الثاني و يليه الجزء الثالث

مع تحيات .. معتز حجازي











المعسكر 6 .. الأخيرة

قرب نهاية الليل و قبل بزوغ الشمس بحوالي ساعتين و أكثر .. وقفت الفصيلة على شكل طوابير منتظمة الشكل في أبعد أركان باحة مركز التدريب، متكوم ...